للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامرأة ولا توجيهُ خطابٍ إليها من قبل، جريًا على ما مَهَّدْناه من تهمُّمِ النساء بتطلع الأخبار، وإعجابهن بجلائل الفعال. ومثلُه قولُ عنترة:

هَلَّا سَأَلْتِ الخَيْلَ يَابْنَةَ مَالِكٍ ... إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي

يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّنِي ... أَغْشَى الوَغَى وَأَعفُّ عِنْدَ المَغْنَمِ (١)

وقال النابغة:

هَلَّا سَالتِ بَنِي ذُبْيَانَ مَا حَسَبِي ... إذَا الدُّخَانُ تَغَشَّى الأَشْمَطَ البَرَمَا

يُخْبِرْكِ ذُو عِرْضِهِمْ عَنِّي وَعَالِمُهُمْ ... وَلَيْسَ جَاهِلٌ شَيْئًا مِثْلَ مَنْ عَلِمَا (٢)

فهذا سَنَنٌ قديم في الأدب العربي.

وأما عامرُ بن الطفيل العامري الكلابي فأغرب وأغرق؛ إذ هدد امرأتَه بالطلاق إن زهدت في المسألة عن بلائه، فقال:

طُلِّقْتِ إِنْ لَمْ تَسْأَلِي أَيُّ فَارِسٍ ... حَلِيلُكِ إِذْ لَاقَى صُدَاءً وَخَثْعَمَا (٣)


(١) البيتان هما التاسع والأربعون والثاني والخمسون من المعلقة. ديوان عنترة، ص ٢٠٧ و ٢٠٩ (نشرة مولوي)؛ القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص ٢١٨.
(٢) ديوان النابغة الذبياني، ص ٢١٧ - ٢١٨ (نشرة ابن عاشور وص ٦٢ - ٦٣ (نشرة محمد أبي الفضل إبراهيم)، وفي النشرتين: "يُنْبِئْك" بدل "يُخبرك". وفي عدد أبيات القصيدة التي منها هذان البيتان اختلاف بين النشرتين، ففي الأولى جاءت القصيدة في سبعة وعشرين بيتًا، بينما لا تشتمل في الثانية إلا على ثلاثة وعشرين.
(٣) صداء الصاد بالمد، حي من مذحن، وخثعم قبيلة من اليمن. - المصنف. والشاعر هو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري، وهو ابن عم الشاعر لبيد بن ربيعة. وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: تجعل لي نصف ثار المدينة وتجعلني ولِيَّ الأمر بعدك وأُسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اكفني عامرًا واهد بني عامر". فانصرف وهو يقول: لأملأنها عليك خيلًا جُردًا ورجالًا مُردًا، ولأربطن بكل نخلة فرسًا، فطُعن في طريقه فمات وهو يقول: غُدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية. الدينوري: الشعر والشعراء، ص ١٩٤ - ١٩٥. والبيت هو الأول من بيتين في ديوان الحماسة نسبهما له. المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج ١، ص ١٥٣ (الحماسية ٢٨). =

<<  <  ج: ص:  >  >>