للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٩٧ هـ. ولقد صار صاحبَ النفوذ على إمبراطور البيزنطيين بالقسطنطينية "المحصور" في عاصمة ملكه وفي قطعة من الأرض حولها، فكانت العاصمةُ في سنة ٨٠٣ هـ على وشك السقوط في قبضة بايزيد لو شاء هو أن يتعجل بذلك.

وفيما هو بذلك الصدد إذ حدث حادث ظهور الطاغية تيمورلنك، وقصد بلاد السلطنة التركية فحدثت بينه وبين بايزيد حروب (من سنة ٨٠٣ هـ إلى سنة ٨٠٧ هـ) انتهت بأسر بايزيد ثم بموت تيمور، فكفى الله شره. (١) وعقبها نزاعٌ بين أبناء بايزيد إلى أن انتصر عليهم ابنه محمد جلبي الملقب بالأول سنة ٨١٣ هـ، وخلص له الملك، وأقبل على تعزيز مملكته، فهو الذي أعاد الحالة التي تركها والده العظيم. ويعد ذلك مبدأ فتح تلك العاصمة العظيمة، ومبدأ انتقال التاريخ من العصور الوسطى إلى التاريخ الحديث. وفي تلك المدة أخذ الإسلامُ ينتشر في أوروبا بمن احتلها من جيش الترك المسلمين، وبدعوة مشايخ الصوفية إلى الإسلام بين سكان مدن أوروبا.

فيحق علينا أن نَعُدَّ السلطانين بايزيد يلدرم وابنه محمدًا جلبي (٢) مجددي أمر الأمة في رأس المائة التاسعة. وقد كان في هذا الوقت بإفريقية السلطان أبو فارس عبد العزيز الحفصي، وكان من السلاطين المصلحين بإفريقية. وقد خضد شوكةَ أهل الفساد، وأزهر في زمانه العلم، وساد الأمن. فهو بحق مِمَّنْ قيَّضهم الله لتجديد أمر الأمة في بعضِ بلاد الإسلام، وقد عدَّه البُرْزُلي (٣) في كتابه "الحاوي" مجدد القرن التاسع، وتقدم الكلامُ على ذلك.


(١) المعركة المقصودة هنا هي معركة أنقرة، وقد مات بايزيد خلالها في الأسر في شعبان سنة ٨٠٥ هـ, وكان قد أُسر هو وولدُه موسى في ذي الحجة من عام ٨٠٤ هـ.
(٢) وهو الملقب بمحمد الأول، وهو خاص سلاطين السلطنة العثمانية. تُوُفِّىَ عام ٨٢٤ هـ، بعد أن أوصى بالحكم لابنه مراد.
(٣) لم يتيسر لي تحديد مَنْ من البرازلة هو صاحب الكتاب المذكور، فهناك أكثر من عالم عرف بلقب البرزلي. ولعله أبو القاسم بن أحمد بن محمد البُرزُليّ (ت ٨٤٤ هـ/ ١٤٤٠ م) انظر (الأعلام) ٥/ ١٧٣، (كشف الظنون) ١/ ٦٢٩. قال الناشر: وهو الصواب، ويوجد نسخة مخطوطة من كتاب الحاوي في مركز الملك فصل للبحوث والدراسات الإسلامية، تحت رقم الحفظ ٢٩٩٤ - ١ - ف.

<<  <  ج: ص:  >  >>