للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجل هذا كله لم يتردد أهلُ الحل والعقد في مصر الإسلام - وهو المدينة عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجوب المبادرة بإقامة الخليفة عن النبي في تدبير أمر الأمة، مع القطع بأنه لا يخلفه في غير ذلك من التشريع وتبليغ الرسالة. وهذا الخليفة وإن جارينا صاحب الكتاب في أنه لم يعينه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت تسميتُه بإجماع أهل العلم والدين من أصحاب النبي المهاجرين والأنصار، وذلك الإجماع حجةٌ أعظم من خبر أو خبرين. على أنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح بإقامة الخليفة من بعده، فقد ورد في صحيح البخاري وغيره عن جبير بن مطعم أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها بأمر فقالت: "أرأيت يا رسولَ الله إن لم أجدك؟ كأنها تعني الموت، فقال لها: إن لم تجديني فائْتِي أبا بكر". (١) وروي في حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأبى الله والمسلمون غير أبي بكر". (٢)


(١) أخرج البخاري عن جبير بن مطعم أنه أخبر ابنه محمد "أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمته في شيء، فأمرها بأمر، فقالت: أرأيت يا رسولَ الله إن لم أجدك؟ قال: "إن لم تجديني فائتي أبا بكر"". قال البخاري: "زاد الحميدي، عن إبراهيم بن سعد: كأنها تعني الموت". صحيح البخاري، "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنَّة"، الحديث ٧٣٦٠، ص ١٢٦٦. وانظر كذلك "كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث ٣٦٥٩، ص ٦١٤؛ "كتاب الأحكام"، الحديث ٧٢٢٠، ص ١٢٤٣ - ١٢٤٤؛ سنن الترمذي، "أبواب المنَاقِب عَن رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٣٦٨٥، ص ٨٣٨. قال الترمذي: "هذا حديث غريب صحيح من هذا الوجه".
(٢) أخرج الحاكم النيسابوري: "أخبرني أحمد بن عبد الله المزني بنيسابور، ومحمد بن العدل، حدثنا إبراهيم بن شريك الأسدي بالكوفة، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو شهاب، عن عمرو بن قيس، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ائتني بدواة وكتف أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدا"، ثم ولانا قفاه، ثم أقبل علينا، فقال: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر"". المستدرك على الصحيحين، "كتاب معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم"، الحديث ٦٠٨٧، ج ٣، ص ٥٨٤. وانظر كذلك: سنن أبي دَاود، "كتاب السنة"، الحديث ٤٦٦٠، ص ٧٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>