للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التربية والتعليم؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده، فقوله: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} المقصود منه: اذكر نصيبك من الدنيا، والاستعمال العربي في ذلك واسع. وقد جاء عكسه، أي إطلاقُ النهي عن شيء وإرادة فعل ضد النهي عنه في قول أبي حية النميري:

وَقُلْنَ لَهَا سِرًّا فَدَيْناكِ لَا يَرُحْ ... صَحِيحًا وَإِنْ لَمْ تَقْتُلِيهِ فَألمِمِي (١)

فقابل قولهن: "لا يرح صحيحًا" بقولهن: "وإن لم تقتليه فألممي".

١٠ - وقال في صفحة ٥٢: "والنصب يأتي من اثني عشر وجهًا"، ثم قال: "والمدحُ والذمُّ". الظاهر أنه جعل المدح والذم وجهًا واحدًا، وهو المسمى القطع في الاصطلاح المعروف. وبذلك تصير الوجوه المذكورة في التفصيل أحد عشر، فيكون قد سقط من النسخة الوجهُ الثاني عشر وهو الحال، وذلك ما يقتضيه قولُه في باب تفسير النصب (صفحة ٥٩): "والحال قول الله عز وجل: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: ٣٢]، نُصبت (خالصةً) على الحال، وهو التمكن"، فإنه مثَّل للحال بعد أن مثَّل لخبر المعرفة في ص ٥٧، فعلمنا أنهما عنده متغايران.

١١ - ثم قال في صفحة ٥٢: "وخبر المعرفة"، وهذا لقبٌ غريبٌ قلق أطلقه المؤلف على نوع من أنواع المنصوبات، ولا نعرف هذا اللقب في غير هذا الكتاب، ولعله مما وضعه مؤلفُه قبل أن يستقر الاصطلاحُ على العناوين النحوية وتقسيماتها. وقد أومأ المؤلف إلى مراده من خبر المعرفة [في] "باب تفسير النصب" (صفحة ٥٦) بأمثلة ثلاثة وقع فيها المنصوبُ - الذي سماه خبرَ المعرفة - منصوبًا على معنى الحال في الاصطلاح المعروف عندنا في علم النحو. فتبين أنه أراد بلفظ "خبر" معنى الخبر


(١) البيت من قصيدة طويلة لأبي حية مطلعها:
أَلَا يا انْعمي أَطلَالُ خنساء وانعمي ... صباحًا وإِمساءً وإن لَم تكلمي
البغدادي: منتهى الطلب من أشعار العرب، ص ٦٣٧ - ٦٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>