خبر النكرة فإنه تبع لها" (صفحة ٦٦). وعلى هذا الوضع جعل المؤلف الحالَ قسيمًا لخبر المعرفة؛ إذ قال: "والحال قوله عز وجل: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الأعراف: ٣٢]، نُصبت (خالصةً) على الحال" (صفحة ٥٩).
فتبَيَّن من مجموع كلامه أنه عَنَى بخبر المعرفة نوعًا من الحال غيرَ النوع الذي عناه باسم الحال ومثّله بالآية، أي أن خبر المعرفة هو وصفٌ جرى على معرفة. وليس المقصود به الإخبارَ عنها وحدثانَه لها، بل المقصود به وصفُها، وليس موصوفُه بصالح لإجراء النعت؛ لأن الموصوف معرفة، فأُجرِيَ عليه على أنه حال ونُصب، ولذلك قال: "وخبر المعرفة منصوب أبدًا" (صفحة ٦٦).
وهذا قد يكون جاريًا على معرفة هي خبر عن مبتدأ، مثل "هذا عبد الله مقبلًا". وقد يكون جاريًا على معرفة هي فاعل، نحو "قام فلان خاطبًا"، أو على معرفة هي مفعول، نحو قوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[يوسف: ٢]. وهذا النوع يشمل الحال المنتقلة كما في مثال "هذا عبد الله مقبلًا"، والحال اللازمة كما في آية:{وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا}[هود: ٧٢].
والمراد بالحال الوصفُ الذي قُصد به الإخبارُ والحدثَان، فكان المتكلم به مخيَّرًا بين أن يعتبره وصفًا جَرى على معرفة فينصبَه، وبين أن يعتبره إخبارًا فيرفعه إذا كان فيما قبله من الكلام ما يصلح لأن يكون مبتدأ وأن يكون الوصفُ خبرًا عنه ثانيًّا، مثل (خالصةً) في الآية فإنه منصوبٌ في قراءة كثير من القراء ومرفوع في قراءة نافع. ولا شك أن المؤلف يراعي ذلك. وهذا النوع غالب استعماله في الحال المتنقلة، ولا مانعَ من أن يكون حالًا لازمة؛ لأن الحال اللازمة لا تنافي إفادةَ المتجدد، إذ حقيقة المتجدد تخالف الانتقالَ بالعموم والخصوص الوجهي.
فإذا أراد به المتكلم الحالَ فنصبه كان مفيدًا أنه وصف متمكن، ولذلك قال المؤلف: "نُصبت (خالصةً) على الحال وهو التمكن"، فإن أراد الإخبارَ فرفعه كان