للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفيدًا التجدد والحديث. وهذا فرقٌ ينبغي أن يُعَدَّ من فروق الخبر؛ إذ هو بعلم المعاني أعلق، وقد تضيق عنه عمومُ الأفهام، وفهم المبتدئ عنه أضيق.

١٢ - وقال في صفحة ٥٣: "والواحد الخارج من الجماعة"، أراد به تمييزَ المقادير، كما سيوضحه بالمثال (في صفحة ٥٨) بقوله: "اضربه عشرين سوطًا"، وهذه تسمية غريبة لا نعرفها لأحد من النحاة. ومعنى كون تمييز المقدار - واحدًا خارجًا من الجماعة - أنه فردٌ بارز للسامع من جماعةٍ مبهمة، فالخارج بمعنى المتجلّي البارز، كما في قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ} [مريم: ١١؛ القصص: ٧٩]، و"من" ابتدائية.

١٣ - ووقع في صفحة ٥٣ قوله: "وهو الذي يسميه الكوفيون الاستيتاء (١) (كذا)، ويسميه البصريون القطع، ويسميه بعض أهل العربية التمام".

إذا كانت لفظة الاستيتاء غير محرفة، فهذا لقب لا يظهر من ماذا هو منقول. والظاهر أنها محرفة، وأن صوابها الاستيفاء. وحينئذ تكون الأسماء الثلاثة متقاربة المعاني، ولكن لا يظهر تلقيب الإغراء بواحد منها. فالذي يظهر أن هذه الأسطر منعزلة عن أماكنها، وأنها كانت متصلة بقوله: "والمدح والذم"؛ فإن المراد بالمدح والذم النعتُ المقطوع. فتسميته بالقطع جائيةٌ من قولهم: نعت مقطوع، وتسميته الاستيفاء؛ لأنه لا يقطع إلا بعد استيفاء المنعوت ما يُعرف به من وصف مذكورٍ قبلَ المقطوع أو معلومٍ اشتهاره به. وكذلك تسميته التمام؛ لأنه يؤتى به غير تابع؛ لأن المنعوت تمت أوصافه.


(١) لا نجاري المصنفَ في تخطئته لفظة "الاستيتاء" واعتبارها محرفة، لا لغةً ولا اصطلاحا. أما في اللغة فقد جاء في الأساس والتاج وأصله: استأتى زيدٌ فلانًا: استبطأه وسأله الإتيان، يقال: ما أتيتنا حتى استَأتَيْنَاك: إذا استبطؤوه. وهو عن ابن خالويه، كما قال الزبيدي. فقد قُلبت الهمزة الساكنة ياءً للتخفيف. أما في الاصطلاح، فالاستيتاء هو الإغراء، أي ترغيب المخاطَب في أمرٍ محبوب ليفعله، مثل قولك: الصلاةَ الصلاةَ، تعني: ألزم الصلاة. الزمخثري: أساس البلاغة، ص ١٩؛ الزبيدي: تاج العروس، ج ٣٧، ص ٣٧ (طبعة الكويت)؛ بابتي، عزيزة فوال: المعجم المفصل في النحو العربي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٣/ ١٩٩٢)، ج ١، ص ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>