للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخضراء (في إسبانيا) وهو فيليبو الثالث، أرسل إلى سيده يخبره بأن السلطان أحمد أرسل أمرَه إلى ملك فرنسا وأمره أن يُخْرِج مَنْ عنده من المسلمين، فلما علم فيليبو الثالث هذا دخله الرعبُ والخوف الشديد. (١) فأمر حينئذ بجمع أكابر القسيسين والرهبان والبطارقة، وطلب منهم الرأيَ وما يكون عليه العملُ في شأن المسلمين الذين هم ببلاده كافة، فأجمعوا كلُّهم على إخراج المسلمين كافة من مملكته".

ثم ذكر الظهير الذي أصدره الملك فيليبو الثالث، ونحن نذكره لما فيه من النكت التاريخية الموضحة لحالة آخر المسلمين بالأندلس. (٢)

"لَمَّا كانت السياسة الحسنة الجيدة لإخراج من يكدر على كافة الرعية النصرانية في مملكتها التي تعيش عيشًا رغدًا صالِحًا والتجربة أظهرت لنا عيانًا أن الأندلس (٣) الذين هم متولدون من الذين كدروا مملكتنا فيما مضى بقيامهم علينا مرارًا، وقتلهم أكابر مملكتنا والقسيسين الذين كانوا بين أظهرهم وقطعهم لحومهم وتعذيبهم بأنواع التعذيب مع عدم توبتهم مما فعلوه، وعدم رجوعهم رجوعًا صالِحًا من قلوبهم لدين النصرانية، ولم تنفع فيهم وصايانَا ولا وصايا أجدادنا الملوك،


(١) يظهر أن الرعب دخله، إذ علم أنه المقصود بذلك، وأن السلطان أحمد ابتدأ بمخاطبة ملك فرنسا الذي هو حليفه لئلا يكون على ملك الفرنسيس مؤاخذة إضرار بالمسلمين أو اضطهادهم في دينهم حتى تكون فرنسا بريئة من جراء ذلك ليمكن اتحاد سلطان الترك وملك الفرنسيس على ملك إسبانية في إنقاذ المسلمين من مخالبه. ولعل ملك الفرنسيس قد أشعر سفير إسبانية الذي لديه بذلك، كما يُفهم من كلام السيد محمد بن عبد الرفيع. فلما أحس ملك إسبانية بذلك عمل بمعنى المثل: "بيدي لا بيد عمرو"، وذلك يظهر مما تضمنه منشوره المذكور هنا. - المصنف.
(٢) الظاهر أن الملك قصد من هذا المنشور إقناعَ رعيته والسلامة من رميه بالتقصير في استئصال أعداء دينهم، أو رميه بأنه أضاع طائفة من النصارى ووجههم إلى بلاد المسلمين لينتقم المسلمون منهم، كما يظهر من بعض فقرات منشوره. - المصنف.
(٣) كلمة الأندلس هنا ترجم بها السيد محمد بن عبد الرفيع كلمة الموريسكو بالإسبانية، وكان من حقه أن يترجمها بالمدجَّنين. - المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>