للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ما كان ملحًا أُجاجًا، وأبدع فيهما غرائبَ أوضح بها لمن بعده طُرقًا فجاجًا، حتى أصبحت روضةُ العلمين مفتحة الأزهار متسلسلةَ الأنهار إلى أن قال: "ولله درُّ القائل فيه:

سِرَاجُ المَعَالِي يُوسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ ... بِمِفْتَاحِهِ قَدْ حَلَّ كُلَّ مُعَقَّدِ

وَأَعْجَزَ بِالإِيجَازِ فِي سِحْرِ لَفْظِهِ ... فَكَادَ بِهِ يسْبِي النُّهَى وَكَأَنْ قَدِ

فَلَمْ نَرَ فِي كُتبِ الأَوَائِلِ مِثْلَهُ ... وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْنِي بِهِ فَتَفَقَّدِ"

إلى آخر كلامه (١).

وقد جرى أسلوبُ تأليف "المفتاح" على طريقة الضبط، والتقسيم، والتحديد، والتدرج في توليد المسائل اللاحقة عن مسائل السابقة، والحوالة على قواعد العلوم الأخرى، وتعليل وجوهِ انحصار العلوم والأبواب فيما حوته من المسائل، وتلك هي الطريقةُ المتبعةُ في العلوم العقلية والمنطقية. فالسكاكي يُعنى بتلك الطريقة في تنظيم كتابه وتسويته، وتفريغ (٢) مباحثه ومسائله، كما أفصح عن ذلك في ديباجته، من ذلك قوله: "وأنت تعلم أن المفرد متقدِّمٌ على أن يؤلف (أي يُرَكَّب) وطِباق المؤلَّف (أي المركب) للمعنى متأخر عن نفس التأليف، لا جرم أنّا قدمنا البعض على هذا الوجه وضعًا، لنؤثر تقدمًا استحقه طبعا" (٣). وقال في صدر


(١) عن نسخة خطية عتيقة بمكتبتي نسخت سنة ٧١٤ (أربع عشر وسبعمائة) برسم خزانة شرف الدين الطيبي العلامة الجليل محشي الكشاف، وهو عزيز الوجود. - المصنف. - لم أقف على هذا الكتاب، ولا يبدو أنه طبع أصلًا. أما الأبيات التي ذكرها الشيرازي فلم على قائلها، وقد أوردها كذلك محقق "الكشف" في الحاشية نقلًا عن الشيرازي أيضًا، ولم ينسبها. حاجي خليفة: كشف الظنون، ج ٢، ص ١٧٦٢.
(٢) كذا في الأصل، ولعله تصحيف، والأولى أن يقال: تفريع.
(٣) السكاكي: مفتاح العلوم، ص ٤٠ (نشرة هنداوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>