للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم المعاني: "ولما كان علمُ البيان شعبةً من علم المعاني لا تنفصل عنه إلا بزيادة اعتبار، جرى منه مجرى المركّبِ من المفرد، لا جرم آثرنا تأخيرَه" (١).

وربما سلك في مسائله وأمثلته مسالكَ العلوم العقلية كقوله: "وأما الحالة التي تقتضي وصفَ المعرف فهي إذا كان الوصف مبينا له كاشفًا عنه، كما إذا قلت: الجسم الطويل العريض العميق محتاجٌ إلى فراغ يشغله". (٢) وكذلك كلامه في مبحث تعريف المسند إليه بلام التعريف، حيث بناه على قواعد الكلي الطبيعي وأفراده المقررة في علم المنطق (٣). وكذلك كلامُه في الجمع بين مدلول الجملتين في الذهن من باب الفصل والوصل (٤)، وفي تقسيم وجه الشبه من باب التشبيه، حيث بناه على قواعد الحس المشترك من مسائل علم الحكمة (٥).


(١) المصدر نفسه، ص ٢٤٩.
(٢) المصدر نفسه، ص ٢٧٢.
(٣) السكاكي: مفتاح العلوم، ص ٢٧٨ - ٢٨٠ (نشرة هنداوي). والكلي عند علماء المنطق من الألفاظ المشتركة، ويطلق على عدة معان. الأول الكلي الحقيقي، وهو المفهوم الذي لا يمنع تصورُه من تصور وقوع شركة كثيرين فيه، ويقابله الجزئي الحقيقي. والثاني الكلي الإضافي، وهو ما اندرج تحته شيء آخر في نفس الأمر، وهو أخص من الكلي الحقيقي. والإطلاق الثالث للكلي هو أنه اللفظ الدال على المفهوم الكلي، ذلك أن الكلي والجزئي كما يطلقان على المفهوم فيقال إن المفهوم إما كلي وإما جزئي، كذلك يطلقان على اللفظ. الدال على المفهوم كليًّا أم جزئيا. وكذلك يقسم الكلي باعتبارات أخرى إلى كلي طبيعي وهو ما له وجود في الخارج، وكلي عقلي وهو ما لا وجود له في الخارج وإنما وجوده في الذهن. انظر في ذلك: الجرجاني: التعريفات، ص ٢٦٦ - ٢٦٧؛ التهانوي، محمد علي: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، تحقيق جماعة من الباحثين بإشراف رفيق العجم (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، ط ١، ١٩٩٦)، ج ٢، ص ١٣٧٦ - ١٣٨٠.
(٤) قال بشأن الجمع بين مدلول الجملتين: "والجامع العقلي هو أن يكون بينهما اتحادٌ في تصور، مثل الاتحاد في المخبر عنه، أو في الخبر، أو في قيد من قيودهما، أو تماثل هناك، فإن العقلَ بتجريده المثلين عن التشخص في الخارج يرفع التعدد عن البين. أو تضايف كالذي بين العلة والمعلول، والسبب والسبَّب، أو السفب والعلو، والأقل والأكثر، فالعقل يأبى أن يجتمعا في الذهن". مفتاح العلوم، ص ٣٦٢.
(٥) انظر: السكاكي: مفتاح العلوم، ص ٤٤٠ - ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>