أن هذا الشرحَ الذي لم يُنسب في النسختين بتونس وبالقاهرة هو شرح أبي جعفر ابن النحاس (١).
أما أنا فلم أقف على ديوان النابغة إلا ما اشتمل عليه شرحٌ عليه لعاصم بن أيوب البطليوسي بطبع المطبعة الوهبية بمصر سنة ١٢٩٣ هـ. في ضمن مجموع عُنون بعنوان "خمسة دواوين من أشعار العرب" نُسبَتْ على التوزيع إلى النابغة، وعروة بن الورد، وحاتم الطائي، وعلقمة الفحل، والفرزدق. ولم يذكر طابعُه مرجعَه فيما طبع، ولم يذكر الشارحُ البطليوسي الروايةَ التي اعتمد عليها. ويظهر أنه اعتمد روايةَ الأصمعي مما جمعه من شرح الشعراء الستة.
ووقفتُ على ما جمعه الراهبُ لويس شيخو في كتابه الذي سماه "شعراء النصرانية"، وطبع في بيروت سنة ١٨٩٠ م الموافق لعام ١٣٥٧ هـ. ويظهر أنه جرد ما في شرح عاصم بن أيوب البطليوسي، وزاد عليه أبياتًا مما في كتب الأدب، إلا أنه خلط ذلك بما هو من شعر النابغة الجعدي أو من شعر غيره دون تثبت. على أنه أَعْرَى ما جمعه عن بيان مراجعه بالتفصيل، ولكنه أجملَ فعد مراجعَه عدًّا في آخر
(١) بعد طول بحث وتسآل لم أهتد إلى أن لأبي جعفر النحاس شرحًا خاصًّا على شعر النابغة، ولكن وجدتُ له شرحًا لتسع قصائد مختارات (هُنَّ غالب المعلقات) لتسعة من شعراء الجاهلية، بعنوان "شرح القصائد التسع المشهورات". والشعراء الذين اشتمل هذا الشرح على قصائدهم هم امرؤ القيس، وطرفة بن العبد، وزهير بن أبي سلمى، ولبيد بن ربيعة، وعنترة بن شداد، والحارث بن حلزة، وعمرو بن كلثوم، والأعشى ميمون بن قيس، والنابغة الذبياني. وقصيدة النابغة التي تضمنها هذا الشرحُ هي معلقته المعروفة التي طالعها: "يا دار مية بالعلياء فالسند". وبعد نظرٍ في هذا الشرح، وتتبع لعباراته، وجدتُ أن جملةَ القرائن التي ذكرها المصنفُ هنا موجودةٌ فيه، مثل اعتماد الشارح على الأصمعي وأبي عمرو بن العلاء وأبي عبيدة، وقوله هو: "قال أبو جعفر". وقد كاد يترجح لدي كونُ شرحِ المعلقة هذا جزءًا من الشرح الذي ذكر المصنفُ أنه شرحٌ لشعر النابغة، لولا أني لم أعثر على عبارة "حدثنا أبو عبيدة"، التي قد تكون وردت في شرح باقي قصائد النابغة، والله أعلم. ولعل عالمًا محنكًا في شؤون الأدب ينير لنا السبيل في هذه المسألة. انظر شرح معلقة النابغة في: النحاس، أبو جعفر أحمد بن محمد: شرح القصائد التسع المشهورات، تحقيق أحمد خطاب (بغداد: وزارة الإعلام، مديرية الثقافة العامة، ١٣٩٣/ ١٩٧٣)، ج ٢، ص ٧٣١ - ٧٦٧.