للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وجب علينا من شكران هذه النعمة ما يفي به عملنا في خدمة هذا الجانب، وإن تزامنت الهمة فإن نعم الله لا يفي بحقها عظيم الشكر، ولكن من بلغ المجهود حق له العذر. فقد بذلنا الجهد في ضبط مواد التعليم وتوزيعها، وتقرير المقادير والأساليب والكتب والمناهج على نحو ما شرطناه في مختتم العام الماضي، وحُرِّر في ذلك برنامجٌ مفصل طُبِع ووُزعت نسخُه بمعاهد التعليم، وكان السيرُ على مقتضاه كفيلًا بتقدم التعليم بخطًى واسعة، وقطعه نحو غايةِ الكمال مسافةً شاسعة.

وقد رُوعيت في هذا البرنامج المحافظةُ على الصبغة الأصلية للتعليم الزيتوني، وهي الصبغة الشرعية والعربية، وتوسيع نطاق الضلاعة للطلبة في هاتين الخصوصيتين بترقية البرنامج في منتهاه إلى أعلى رتبة من الكتب المشهورة التي شهد لها العالمون بغزارة العلم وإحكام الوضع، مع جعله متدرجًا نحو هذا المرتقَى في المناهج الموصلة إلى صحة تصور معاني العلوم، والقدرة على تطبيقها تطبيقًا سريعًا، وتنمية الملكات في التحرير والتقرير، ليتخرج من هذا التعليم المقتدرُ على الغوص فيما درس من المسائل، المضطلع بسبكها في أعز القلوب من الدروس والرسائل.

وقد أمكنت الاستعانةُ على تحقيق هذا المقصد بالتقليل من ساعات التلقي، والتكثير من ساعات العمل الشخصي للطالب؛ إذ يُعهد له بأعمال علمية يعملها خارج الدرس، ويبني على الموازنة بين مواد التعليم بصفة لا تدع الطالبَ الزيتوني منحطَّ الكفاءة في ناحية من نواحي ثقافته العامة إلى منزلة تقضي على فكرته العلمية بالقصور أو الاختلال، وبخاصة نحو الناحية الأدبية وناحية المعارف الرياضية والطبية. كل ذلك مع المحافظة على تفوق نسبة العلوم الشرعية والعربية في كل سنة من سني التعليم، مع أن البرنامج قد حقق الانتهاء في العلوم المتممة إلى منتهًى حميد يناسب عظمةَ هذا المعهد وقيمة شهادته.

هذا وقد وسَّع البرنامج في أوقاته ناحية الأخلاق الدينية، والآداب الإسلامية، والتخلق بخلق القرآن المجيد. ثم تعزز ذلك التوسع بالتخلق العملي بما

<<  <  ج: ص:  >  >>