شمله النظام الموضوع لمدارس سكنى الطلبة من الاعتناء بهذا التخلق؛ إذ أصبحت المراقبة حازمةً على الطلبة في سلوكهم الديني بالتخلي والتحلي، والسير بهم نحو طريق الأدب والمروءة، وقطع دابر الفوضى، وأخذهم بالانقياد للنظام، وحملهم على المظهر المحمود. وصار شيخ المدرسة مطلوبًا بقضاء أغلب الأوقات فيها، مع الالتزام أن لا تُسند مشيخةُ مدرسة في المستقبل إلا لمن له الإقامة فيها.
وللمحافظة على سلامة أفكار التلاميذ، وسلامة صحتهم قد نظمت في المدارس أوقاتهم، وجعل تحضير دروسهم وأشغالهم التي يكلفون بها تحت مراقبة شيوخ من حملة شهادة العالمية أو شهادة التحصيل، مع الإفساح لهم في نظام أوقاتهم بما يسمح لهم بالراحة والنزهة والاستجمام، لتدفع عنهم دواعي الكلال والفتور، ومع القيام على حفظ النظام الصحي واتخاذ وسائل التطهير والعيادة الطبية ووضع الأدوية للمعالجات الاستعجالية. وقد وجدنا في إقامة ذلك إعانةً يتوجه عنها الشكرُ إلى جناب وزير الشؤون الاجتماعية، مفخر نبغائنا. وقد ابتدأنا في إبطال الطبخ في بيوت الطلبة وعرصات مدارسهم بإيجاد مطابخ لثلاث مدارس وتنظيم قاعات طعام منظمة ينخرط فيها الطلبة باشتراك مالي، مع افتتاح قسم للطعام المجاني بمائدة شرف لهم لإيجادها تبرع بعضُ الأفاضل، ورسمنا فيها ثلاثة من التلامذة: تونسي وجزائري وطرابلسي، فكانت رمزًا على أخوة أهل الشمال الأفريقي في التغذي من علوم هذا المعهد.
وإن ما نرتجيه من تمام مرافق السكنى الصحية العصرية وشمولها جميع المحتاجين من الوافدين في طلب العلم يزيدنا حرصًا على إنجاز المشروع العظيم: مشروع الحي الزيتوني، وتأكيدًا للثقة في الجمعية الساعية لتشييده تحت رئاسة فضيلة العلامة الجليل شيخ الإسلام المالكي (١)، بارك الله في علمه وفضله. وقد لاحظنا من