للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقبال الأمة على هذا المشروع الصالح إقبالًا نرجو أن يتزايد بفضل الإعانة الأدبية المرتجاة من جناب الوزير الأكبر في مخاطبة الرؤساء الإداريين بالمملكة للحث على الإقبال على الاشتراك، وما صدر من جناب وزير العدلية الهمام من الخطاب لعموم الهيئات الشرعية والعدلية في التنويه بهذا المشروع والحث على تعضيده، بارك الله في كماله، وزكَّى فضائلَ أعماله. وفي هذه النفحة الإلهية من المؤازرة والتأييد التي غمرتنا من عموم الأمة حكومة وشعبًا، اكتسبنا واكتسب أبناؤه الطلبة عدةً لمنازلة الأزمات، وتذليل العقبات.

فقد مر هذا العام على الطالب بأشد صعوباته، فمن فقد المساكن، وقلة الأزدواد والكسى، وغلاء الأدوات، وفقدان الكتب، فصابروا في هذه الشدة الخطيرة على اللأواء، وكانوا للعلم خير أنصار وأولياء، وامتثلوا للنظام المدرسي امتثالًا يصلح للحياة النظامية مثالا. فإذا نحن أخذنا بعضهم على تخلف أو إخفاق، فإنما نؤاخذهم ونحن نألم كما يألمون، ونُضمر لهم المعذرةَ التي يدعون، ولكننا نعمل لهم عملَ مَنْ طَبَّ لِمَنْ حب، ونسوسهم سياسة ناصح وأب، يغالب رقته وعطفه حين ينظر إلى مستقبل زاهر يهون عليه الوحشة التي تمتلكه في الوقت الحاضر. ولذلك لم نزل نتوخى لهم ما يجمع بين بذل النصيحة وبين مراعاة أزمانهم الشحيحة، فربما أعقبنا العقوبةَ بالعفو الجميل، وأتبعنا الحرمان بالتأجيل، عسى أن يكون مزج اللين بالحرص لنجاحهم خيرَ كفيل، كما قال القاضي الفاضل:

مَا نَاصَحْتُكَ خَبَايَا الوُدِّ مِنْ رَجُلٍ ... مَا لَمْ يَنَلْكَ بِمَكْرُوهٍ مِنَ العَذْلِ

مَحَبَّتِي فِيكَ تَأْبَى أَنْ تُسَاعِدَنِي ... بِأَنْ أَرَاكَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الزَّلَلِ (١)


(١) نقل عن صلاح الدين الأيوبي أنه قال يومًا للقاضي الفاضل: "لنا مدة لم نر فيها العماد الكاتب، فلعله ضعيف، امض إليه وتفقد أحواله. فلما دخل الفاضل إلى دار العماد، وجد أشياء أنكرها في نفسه، مثل آثار مجالس أنس ورائحة خمر، وآلات طرب"، فأنشد البيتين. ابن حجة الحموي، تقي الدين أبو بكر بن علي بن عبد الله: طيب المذاق من ثمرات الأوراق، تحقيق أبو عمار السخاوي (الشارقة: دار الفتح، ١٩٩٧)، ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>