على أن هذه الصعوبات الجمة التي اعترضت سيرَ التعليم قد كان الكثير منها نازلًا على جوهر برنامج التعليم، مما عرَّض المشيخةَ لملاقاة العناء العظيم. وأهم ذلك ما لاح في فقدان كتب الدراسة والحاجة إلى محلات التعليم، فاعتمدنا في جبر نقص الكتب على همم فضلاء الأمة الذين أمدونا بنسخ قلائل من الكتب المقررة في البرنامج، أمكن أن تُوفي بحاجة الشيوخ في الجملة. وفي مقدمة هذه الأريحيات نذكر أريحة جناب وزير الدولة الذي أمد مكتبة الطلبة بعدد ذي بال من الكتب المدرسية، لا يزال عضدًا للعلم وذويه.
وقد دعا هذا الحالُ الاضطراري إلى توسيع دائرة إملاء تلاخيص الدروس توسيعًا كاد أن يشمل جميعَ مواد التعليم. وعلى ما أوجد هذا التوسيع من إفراط في الاعتماد على إحدى طريقتي الإملاء أو المراجعة بالكتاب، ومن مضايقة في الأوقات دعت في كثير من الدروس إلى عدم البلوغ بالضبط عند المقادير المقررة، فقد كان من جهة أخرى عونًا على توجيه الطلبة نحو الناحية العملية التطبيقية، وعلى تكوين دواعي التأليف والتصنيف للمشايخ المدرسين.
وأما محلاتُ التعليم التي عظمت مشكلتها بتوسيع دائرة التعليم الرياضي، والإكثار من الأعمال التطبيقية في دروس العربية، وتعدد الفروع بالحاضرة وخارجها، فقد توصلنا إلى تخفيف الشدة بإيجاد أقسام دراسية بالحاضرة وسوسة والقيروان. ورجاؤنا أن نتمكن في العام القابل من نوال بنايات مناسبة، وذلك ما تحصلنا فيه على وعود معتبرة من المراجع الحكومية.
هذا ما دخل في اختصاص المشيخة من الصعوبات التي ذللت في المنطقة الداخلية علمية وإدارية. وهنالك صعوبات خارجة عن اختصاص المشيخة ترجع إلى الناحية التشريعية أو الناحية المالية، سعينا في علاجها بالأسباب، وسلكنا لها الأبواب. فوجدنا من فضل الله تسهيلًا عجيبًا جعل منالها الأقصى قريبًا، وأكسب الهيئات التي أعانت على تحقيقها فخرًا خالدًا، يسجل لجميع أفرادها واحدًا واحدا. فقد وجدنا