فوجوبُ الإصلاح ليس محلَّ نظر، بل هو حاجة وضرورة لا بد منها، فقد أحس بها الأساتذة، وأعلن بطلبها الطلبة، وجمعت الحكومة اللجنة الأخيرة تقديرًا لها وإجابة لصوتها.
وبهذا الاعتبار نعرف أن هذا الاجتماع اليوم هو ثاني اجتماع دعى إليه إجابة اقتراح التلامذة، إذ لا ننسى أن اجتماع عام ١٣٣٠ [١٩١٢] كان هو أول اجتماع وقع لإجابة طلب الطلبة.
سؤال: ما هي غاية هذا التعليم؟
جواب: تأسس التعليم بجامع الزيتونة بباعث شريف جدًّا وهو رواج العلوم الإسلامية واللغوية وما عسى أن ينتدب إلى تعليمه من له براعة في علوم لا تنافيها، فقديمًا درست فيه الفلسفة والمنطق، والهندسة والحساب الراقي والطب على الأساليب التي كانت جارية في عصورها.
ثم كان المقصود من وضع أساس النظام فيه على عهد المقدس طيب الذكر بين أهل العلم أحمد باشا تخريج الأكفاء للوظائف السامية، سواء في ذلك العلمية أو الشرعية أو السياسية. وبالفعل ظهر من متخرجيه من زان هاته الوظائف، ولم تزل أغراضًا لمصلحيه راميةً إلى هاته الغاية بمراعاة ما تقتضيه العصور في كفاءة متخرجيه. فغايتنا الكبرى في إصلاح التعليم أن نجعل من المعهد طريقًا لتخريج طبقة كفيلة بحفظ كرامة علماء الإسلام بين مختلف عناصر هذا الجيل.
هذا من جهة، ثم أن نرفع مستوى الكفاءة من جهة أخرى بين خريجيه لنمكنهم من تبوء مركزهم في خدمة بلادهم عن جدارة واستحقاق لا يمكن أن يفوقهم فيها خريجو المعاهد الأخرى، فإن تطور الزمان ضيق من الدائرة أمام المتخرج الزيتوني بما كاد أن يحصره في المناصب الشرعية والعلمية داخل المعهد، بحيث إن المتخرج يضطر إلى حضور دروس تكميلية كلما أراد سلوك غير هذين الطريقين.