للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثالث: أن يصلوا بتعميم التعليم إلى مبادئ العلوم المحتاج إليها، والتعود على النقد والمَيْزِ بقدر حاجة العامة، مع إبقاء مسلك تناجي منه الخطابةُ نفوسَهم، كي لا تنقطع منهم حاجةُ الإقناع في الأمور العامة، وأن ينهَجُوا أسهلَ طريقٍ لإيصالهم إلى غاية ذوق حلاوة العلم في الجملة.

وينجم عن ذلك مصلحتان:

إحداهما: تَمَتُّع الجميع بالعلم، وتيقظ البصائر من سِنَة الوهم والجهل، فيكونوا أهلًا لإدارة أمورهم، وإدراك مصلحة جمهورهم.

وثانيتهما: أن يقدروا العلماء حقَّ قدرهم، ويشعروا بحاجتهم إلى تسليم أمر تربيتهم وإصلاح آدابهم وعلومهم وكتبهم إليهم، مع الانقياد إلى أوامرهم وجعلهم ولاةَ أمرهم ومشورتهم، حتى تكون الأمةُ بوجود العالم الحكيم فيها حكماء، ويكون ما تراه من مصالحهم وفوائدهم سريعَ الانطباع في نفوسهم، فيسهل عليهم مطالبةُ الحكام منهم بتقويم أمورهم.

وبذلك يرقب الحاكمُ الأمةَ ويخشاها، وتأمن من اللهو عن مصالحها باتباع هواها، ويُكشف عن العلماء عذابُ محاولة إصلاحها، واصطياد هداها.

<<  <  ج: ص:  >  >>