للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= واحدًا مشتَرَكًا بين الموجودات، إلا أنه عند المتكلمين حقيقةٌ واحدة تختلف بالقيود والإضافات، حتى إن وجود الواجب هو كونُه في الأعيان". شرح المقاصد، ج ١، ص ١٥٢ (وقد وقع تصحيف من مُعِدِّ هذه النشرة إذ جاء فيها "غير ذاته"، والصحيح ما أثبتناه). وقبله استقصى الرازي المذاهبَ في مسألة عينية الوجود وإشكالية العلاقة بين الوجود والماهية وقررها على النحو الآتي: "إنه من المعلوم بالضرورة أنا نصف واجبَ الوجود لذاته بأنه موجود، ونصف أيضًا ممكن الوجود لذاته بأنه موجود. فنقول: إما أن يكون وقوع لفظ الوجود على هذين القسمين بحسب مفهوم مشترك بين هذين القسمين، وإما أن لا يكون كذلك، بل يكون بحسب الاشتراك اللفظي فقط. فإذا كان الحق هو القسم الأول، فنقول: هذا القسم ينقسم إلى قسمين آخرين، وذلك لأن ذلك المفهوم المسمى بالوجود إما أن يقال إنه في حق واجب الوجود مقارنٌ لماهية أخرى، ويكون هذا الوجودُ صفةً لتلك الماهية ولاحقًا من لواحقها، وإما أن يقال إنه أمرٌ قائمٌ بنفسه، مستقلٌّ بذاته، من غير أن يكون صفة لشيء من الماهيات، ومن غير أن يكون عارضًا لشيء من الحقائق. فيثبت أن القول في وجود الله تعالى لا يمكن أن يخرج عن هذه الأقسام الثلاثة. فالأول: قولُ مَنْ يقول لفظ الموجود الواقع على الواجب لذاته وعلى الممكن لذاته لا يفيد مفهومًا واحدًا مشتركًا فيه بين القسمين، بل هو بحسب الاشتراك اللفظي فقط. والثاني: قولُ مَنْ يقول لفظ الموجود يفيد مفهومًا واحدًا، إلا أنه في حق واجب الوجود لذاته وجود مجرد، أعني أنه وجود بشرط كونه غير عارض لشيء من الماهيات، بل يكون وجودًا قائمًا بنفسه. وبهذا التقدير يكون وجود الله تعالى نفس حقيقته. والثالث: قولُ مَنْ يقول إن الوجود صفة من صفات حقيقة الله تعالى، ونعت من نعوت ماهيته، وبهذا التقدير فوجود الله غير ماهيته. وهذه الأقوال الثلاثة قد ذهب إلى كل واحدٍ منها عالم من الناس. فالأول: قولُ طائفةٍ عظيمة من المتكلمين، كأبي الحسن الأشعري وأبي الحسين البصري. والثاني: هو القول الذي اختاره أبو علي بن سينا في جميع كتبه. والثالث: قول طائفة عظيمة من المتكلمين، وهو الذي نصرناه في أكثر كتبنا". الرازي، فخر الدين محمد بن عمر: المطالب العالية في علم الإلهيات والطبيعيات، ج ١/ ١، ص ١٦٩؛ وقارن بكلامه في: المباحث المشرقية من العلم الإلهي، تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي (بيروت: دار الكتاب العربي، ط ١، ١٤١٠/ ١٩٩٠)، ج ١، ص ٩٧ - ١٣٨؛ وانظر كذلك الآمدي: أبكار الأفكار، ج ١، ص ٢٦٠ - ٢٦١؛ الجرجاني: شرح المواقف، ج ١/ ٢، ص ١٥٢ - ١٥٥. وانظر مناقشة ابن تيمية للمسألة في: الرسالة الصفدية، ص ٥٢٥ - ٥٤٧. وقال أبو البركات البغدادي بعد الكلام على الموجودات في الأعيان وأن الموجود منها إما أن يكون موجودًا بذاته وعن ذاته، وإما أن يكون وجوده وجب عن غيره ولم يجب له بذاته: "فإن قيل: فالوجود الذي هو صفة كل موجود من الموجودات الكثيرة الدائمة والزائلة أهو هذا الوجود البسيط الواجب بذاته أم غيره؟ فإن كان هو فكيف يكون الموجود المجرد الدائم الواجب بذاته صفة لغيره من الموجودات الواجبة الوجود وغير الواجبة الوجود والدائمة وغير الدائمة؟ وإن لم يكن هو وجود الموجودات الأخرى فالموجودات الأخرى غير موجودة ولا =

<<  <  ج: ص:  >  >>