للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضُهم شرحها بسلوك مسلك الحلول، فزعم أن الله تعالى لَمَّا كان منزهًا عن الاستقرار في المكان، فهو حالٌّ في جميع الموجودات. ونقلوا عن بعض الحكماء أنه قال: "ذات الله وجوده المشترك بين جميع الموجودات، ويمتاز عن غيره بقيد سلبي وهو عدم عروضه للغير، فإن وجود الممكنات مقارِنٌ لِمَاهية مغايرة له". وإن كان عضد الدين في "المواقف" يقول عقب هذا: " [وهذا بطلانه ظاهر] ولم يتحقق عندي هذا النقل عنهم [أي عن الحكماء]، بل صرّح الفارابي وابنُ سينا بخلافه؛ فإنهما قالا: الوجودُ المشترك - وهو الكونُ في الأعيان - زائدٌ على ماهية الله تعالى بالضرورة، وإنما هو مقارِنٌ لوجود خاص". (١)

وعلى هذه الأنحاء كانت تأويلاتُهم لقوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: ٣]؛ فتأول كلُّ فريقٍ صيغةَ الحصر فيها بما يناسب فهمَه. وأنت لا يعسر عليك تصورُه وتقريرُه على حسب كل مذهب، وحسبُك بهذا البيان، فليس وراءه مطلب.


(١) الإيجي: المواقف في علم الكلام، ص ٢٧٠؛ الجرجاني: شرح المواقف، ج ٤/ ٨، ص ٢١. هذا ولم أهتد إلى صاحب هذا القول من الحكماء الذين أشار إليهم الإيجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>