للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت من قديم مُغرَمًا بمؤلفات الشيخ الرئيس أبي علي ابن سينا أن تجمع قولًا فصلًا، ورأيًا عدلًا ومنطقًا، لا هراء ولا هزلا.

فلما مالت بِيَ المطالعةُ إلى جانب قماطير الحكمة، اجتذبتُ منها كتابًا كان ظهر في المطبوعات منذ عام ١٣٢٨ هـ معنونًا باسم "منطق المشْرقِيِّين"، منسوبًا إلى الشيخ ابن سينا، مما نشرتْه المكتبةُ السلفية لصاحبيها الفاضلين محبّ الدين الخطيب وعبد الفتاح الفتلان. وله مقدمة تستغرق ثمانية وثلاثين صفحة، فيها ترجمةُ الشيخ منقولةً عن أهم المصادر.

وذلك عملٌ يُشكر عليه صاحباه، شُكْرَ مَنْ عمل عملًا برَّ به أباه. لكن هذه المقدمة لم يكن فيها نصيبٌ من التعريف بالكتاب المعنْوَن، ولا بتصحيح نسبته إلى الشيخ، ولا التعريف بالأصل الذي نُقِل عنه والمكتبة التي تحويه. ولعل المُطالِعَ يشتهي أن يعرفَ هذا الكتاب وصحةَ نسبته إلى أبي علي، ثم هو يتوق إلى العلم بماذا يعني الشيخ حين يصف الحكمةَ بالمشرقية، وحين يصف بعضَ الحكماء بالمشرقيين. وقد احتار في ذلك الباحثون من قديم، ولم يأْوَوْا بالْحَرَّان (١) إلى ظلٍّ بارد ولا كريم (٢).


= فتأخذه أجمع. . . وعُمِّر عمرًا طويلًا، وكان في الجاهلية خيْرَ شاعر لقومه يمدحهم ويرثيهم، ويعد أيامهم ووقائعهم وفرسانهم، وكان يُطعم ما هبت الصبا، وكان المغيرة بن شعبة إذا هبت الصبا قال: أعينوا أبا عقيل على مروءته". الجمحي: طبقات الشعراء، ص ٥٧. وانظر أخباره في الأصفهاني: الأغاني، ج ٥/ ١٥، ص ٧١٨ - ٧٣٠ (نشرة الحسين)
(١) الحران: العطشان، ومؤنثه حَرَّى. وفىِ الحديث عن سراقة بن مالك قال: "سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ضالة الإبل تغشى حياضي، قد لطتها لأبلي، فهل لِيَ من أجر إن سقيتها؟ قال: "نعم، في كل ذات كبد حَرَّى أجر". سنن ابن ماجه، "أبواب الأدب"، الحديث ٣٦٨٦، ص ٥٢٨؛ المستدرك على الصحيحين، "كتاب معرفة الصحابة - رضي الله عنهم -"، الحديثان ٦٦٧٨ - ٦٦٧٩، ج ٤، ص ٥٣ - ٥٤.
(٢) ههنا تضمين من قوله تعالى: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)} [الواقعة: ٤٣، ٤٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>