للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشأن، فقد أعطيناهم في كتاب الشفاء ما هو كثيرٌ لهم وفوقَ حاجتهم، وسنعطيهم في اللواحق ما يصلح لهم زيادةً على ما أخذوه". (١)

والمقدارُ المنشور بالطبع من هذا الكتاب هو قطعةٌ من علم المنطق، فيها مباحثُ الدّلالات، والمفرد والمركب، والتعريفات، والقضايا، والتناقض، وانتهت في أواخر مباحث التناقض انتهاءً يدل على أنه غير متعمَّد. (٢)

فالظاهر أن الكتاب أُصيب بخرم أو تفريق فتلِف آخرُه. وما احتوى عليه هذا المقدار من مسائل المنطق لا يختلف عما تتضمنه متوسطاتُ كتب المنطق، ويُلاحظ أن طريقته تختلف اختلافًا ما عن طريقة المنطقيين بتميّز هذا الكتاب:

أولًا: بمحاولة نقض بعض المصطلحات المشائية في المنطق بما هو أوضح، وإن كان لا يخالف المعنى.

وثانيًا: بمخالفة ترتيبه الترتيب المعتاد، ومثال ذلك أن ما يسميه المناطقة "شروطًا" يجعله الشيخ في هذا الكتاب امتحانًا للقواعد على نحو طريقةِ علم الحساب في امتحان العمليات.

وثالثًا: بأنه خالف في تعقّل الحقائق المنطقية طريقة المنطقيين فيما ظهر له أنهم قصّروا فيه، مثال ذلك أن المنطقيين إذا تكلّموا عن الكليات الخمسة التي لا يخلو


(١) المصدر نفسه، ص ٢٢.
(٢) يشهد لكلام المصنف قول ابن سينا في نهاية النسخة المطبوعة أثناء كلام عن نقيض الموجبة المطلقة الجزئية: "وأما إن كانت بحيث تعم اللازمة المشروطة والطارئة"، وبَيِّنٌ أن الكلام غير مكتمل. وقد جاء في خاتمة مخطوطة المكتبة الخديوية التي اعتمد عليها في نشر الكتاب قول ناسخها عبد الرازق بن عبد العزيز بن إسماعيل الفارابي الصفناجي: "هذا مقدارُ ما يوجد من الكتاب". منطق المشرقيين، ص ١٤١. ولعل ابن أبي أصيبعة يعني الكتاب نفسه بقوله: "كتاب في الحكمة المشرقية لا يوجد تامًّا". ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء، ج ٣، ص ٢٨. وعسى أن ينكشف قادم الأيام عن نسخ أخرى من الكتاب يُجبَر بها هذا النقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>