للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما لوَّحْنا فيما كتبنا أولًا إلى الانزواء عن الحكم فيه، بعد ما رأينا من ذكرها أعمارًا أخرى من الطوفان أطولَ من الأجل المكتوب، نعم، قد كان نوحٌ أطولَ ذوي الأسماء التاريخية عمرًا حسب ما يُؤخذ من الأعمار المسرودة في التوراة. (١) ولكن ذلك لا يوجب له خاصية، ولا يقتضي قرانًا أو طالعًا أو جوًّا خاصًّا، إنما هي اتفاقية لازمة في كل ما يقال عليه بالتشكيك، فكل أفراد تشككت في شيء مهما بلغت كثرتها فإن نسبة أقصر أفرادها إلى الذي يليه كنسبة أدناها إلى الذي فوقه، وتجد نسبة أطول رجل في العالم للذي يليه كنسبة آخر قصير لأقصر رجل. وما ذلك لقرانات أو معجزات، وإلَّا لكان لكل صنف قران خاص، وجو خاص - إن شئت - وطبع خاص، ولعل هذا يشوش الطبيعة ويكثر حركة الكون.

هذا هو المراد من المنع، ووجهُ العدول عن التسليم لأصلهم، حتى نخنع إلى الاعتراف بالفلتة، والله أعلم بصحة ما نقول. (٢)


(١) كتب العهد العتيق: سفر التكوين، الفصل: ٦، ص ٨.
(٢) راجع في موضوع هذا المقال: الطباطبائي: الجواهر النورانية، ص ٢٤١ - ٢٤٣ و ٧٢٣ - ٧٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>