للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيروش حينما سار لمنازلة مصر، حتى عقد معاهدة مع عرب الحجاز ليأمن بطشهم. وكان أشرفهم أرومة وأعلاهم محتدًا قريش سكان مكة، فكان العرب يعترفون لهم بالمجد والفضيلة، قال شاعر بني تميم:

فَأَمَّا النَّاسُ مَا حَاشَا قُرَيْشًا ... فَإِنَّا نَحْنُ أَفْضَلُهُمْ فِعَالَا (١)

فهم أكثر العرب محمدة، وأقلهم ذامًّا، وكان الدين لا بد له من دعاة. فاختار الله إظهاره وسط أمة لم تقعد بها أخلاقها وعاداتها عن الصلوحية لنهوض عظيم، وكان لظهوره فيهم حكمة من وجوه:

أولها: أن اعتزالها عن التزاحم المدني سلمهم من الحفائظ التي تكون بين الأمم المتجاورة فتهز أنوف بعضهم عن تلقي الإصلاح من يد بعض.

ثانيها: أن صورة حكومتهم الشورية المنوطة بشيوخ القبيلة تعدهم لقبول دين عمراني لا تصدهم عنه مشيئة الرؤساء وإباية الملوك.

ثالثها: أنهم لم يكونوا على دين فيه شيء من المعقولية تموه لهم بقيته فتتعاون ظواهره مع إلفه على استبقاء أهله فيه؛ إذ هم لم يعتمدوا على وحي سماوي وإنما كانوا وثنيين. والوثنية دين يفتضح صاحبه بأول حجة، كما افتضح بنو حنيفة حين اتخذوا صنمًا من حلواء، فلما أصابهم عام مجاعة أكلوه، فقال شاعر بني تميم يهجوهم:

أَكَلَتْ حَنِيفَةُ رَبَّهَا ... زَمَنَ التَّقَحُّمِ وَالمَجَاعَهْ


= حاول غزو أثينا ولكنه هزم. وقد كانت سقوط الإمبراطورية الأخمينية على يدي الإسكندر الأكبر سنة ٣٣١ قبل الميلاد.
(١) هذا البيت ذكره المصنف أثناء تفسيره الآية ٦٤ من سورة المؤمنون، ونسبه للأخطل (تفسير التحرير والتنوير، ج ٩/ ١٨، ص ٨٣)، ولم أجده فيما أمكنني الاطلاع عليه من نشرات ديوان هذا الشاعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>