للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولنا: "موحًى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، يشمل أنواعَ الوحي، سواء كان بواسطة جبريل أو بالمنام أو بالإلهام، كما يُؤخذ من عبارة الجويني (١) والطيبي. وأما الذي يُؤخذ من كلام السيد الجرجاني وعلي القاري وكلام أبي البقاء في الكليات عند الكلام عن القرآن، فهو أن الحديثَ القدسي لا يُوحَى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل بل بالإلهام أو المنام. (٢)

وبقولنا "غير مقصود بها الإعجاز ولا التعبد بتلاوتها" خرج القرآن.

وقولنا "ليبلغها إلى الناس"، أي أن يقترن الإخبار بذلك الكلام بقرينة تدل على أن المقصود إعلام الناس به، وهذه جهةُ شَبَهٍ بين الحديث القدسي وبين القرآن. وخرج بذلك ما يحكى من أقوال الله تعالى للملائكة أو في أثناء القصص ونحوها، كما في حديث الموطأ: "يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكةٌ بالنهار، فيجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم - وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ . . .". (٣) وكما في حديث ابن عباس في صحيح البخاري في قصة سؤال موسى - عليه السلام - مع الخضر إذ عاتب الله موسى على قوله: "إني لا أعلم أحدًا أعلمَ مني، فقال له الله تعالَى: بلى، عبدنا خضر بمجمع البحرين، فسأل موسى السبيلَ إلى لقيه". (٤)


(١) قوله: الجويني خطأ، وصوابه: الخُوَيِّي، وقد سلف توضيح ذلك قبل صفحات قليلة.
(٢) أورد المصنف الحديث مختصرًا، وله عند البخاري روايتان طويلتان، وفي أولاهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن ذكر القصة قال: "وددنا أن موسى صبر حتى يقص علينا من أمرهما". صحيح البخاري، "كتاب التفسير"، الحديثان ٤٧٢٥ - ٤٧٢٦، ص ٨١٨ - ٨٢١.
(٣) الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب قصر الصلاة في السفر"، الحديث ٤٤٩، ج ٢، ص ٦٩.
(٤) أورد المصنف الحديث مختصرًا، وله عند البخاري روايتان طويلتان، وفي أولاهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن ذكر القصة قال: "وددنا أن موسى صبر حتى يقص علينا من أمرهما". صحيح البخاري، "كتاب التفسير"، الحديثان ٤٧٢٥ - ٤٧٢٦، ص ٨١٨ - ٨٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>