وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام". (١) وباعتبار الشهادة النبوية لأبي الدرداء وسلمان، يكون الحوارُ الذي دار بينهما ملحقًا بالحديث النبوي؛ إذ هو دائر بين الحكمة والعلم المشهود بهما لهما.
• "وهلم" اسم فعل، بمعنى أقبل إلي، يلازم حالة واحدة، فلا يتغير باختلاف المخاطَب به من تعدد أو تأنيث. استوفد أبو الدرداء سلمان لمساكنته رغبةً في جوار أهل الفضل من الأخلاء؛ لأنهم رهطُ الرجل الذين يعتضد بهم، وهم أنفع له من أقاربه المنافرين لشربه. فالعاقلُ في مواصلة أهل رأيه أرغبُ منه في مُجاورة أهل نسبه، وكذلك يكون الجوار خلة متى جلبه الود والاصطحاب. سئل الحكيم: أي الرجلين أحب إليك: أخوك أم صديقُك؟ فقال: إنما أُحِبُّ أخي إذا كان صديقي.
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى: "قول أبي الدرداء: أن هلم إلى الأرض المقدسة؛ يريد المطهرة. والمقدس في كلام العرب المطَهَّر، وإنما أراد موضعًا من الشام يسمى المقدس، ومنه سمي مسجد إيليا: البيت المقدس، يريد المطهَّر. ومعناه أنه مطهر مما كان في غيره من المواضع من الكفر، وكان ذلك في وقت من الأوقات، فلزمه الاسم والوصف بذلك.
ويُحْتَمَل أن يكونَ معنى تقديسها [و] تطهيرها، أن فيها يُطهَّرُ من الذنوب والخطايا، فيكونُ معنى المقدَّس المقدَّسُ أهلُها. ويدل على صحة هذا التأويل قولُ
(١) أخرج الترمذي والحاكم - واللفظ للترمذي - عن يزيد بن عميرة أنه قال: "لمَّا حضر معاذ بن جبل الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا، قال: أجلسوني، فقال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما (يقول ذلك ثلاث مرات)، والتمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهوديًّا فأسلم. فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنه عاشر عشرة في الجنة"". سنن الترمذي، "أبواب المناقب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٣٨١٠، ص ٨٦١؛ المستدرك على الصحيحين، "كتاب العلم"، الحديث ٣٣٤، ج ١، ص ١٦٧؛ "كتاب مناقب الصحابة"، الحديث ٥٨٢٧، ج ٣، ص ٥١١. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".