للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى طريقة الخلف تأوَّلوا قولَه تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} بتأويلات ثلاثة:

التأويل الأول: قال جمهور الأشاعرة - وفي مقدمتهم إمامُ الحرمين - إن معنى الاستواء: القهرُ والغلبةُ والاستيلاء (١)، كما في قول الأخطل:

قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاق ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ أَوْ دَمٍ مِهْرَاقِ (٢)

وقول الآخر:

فلمَّا عَلَوْنَا واسْتَوَيْنَا عَلَيْهِمْ ... جَعَلْنَاهُمْ مَرْعَى لِنَسْرٍ وَطَائِرِ (٣)


= وصفاته متعالٍ عن الأشياء، فيجب القولُ بـ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} على ما جاء به التنزيل، ويُنفَى عنه شبهُ الخلق لما أضاف إليه. وإذ لزم القولُ في الله بالتعالي عن الأشباه ذاتًا وفعلًا، لم يجز أن يُفهم من الإضافة إليه المفهومُ من غيره في الوجود". الماتريدي، الإمام أبو منصور محمد بن محمد بن محمود: تأويلات أهل السنة، تحقيق مجدي باسلوم (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٦/ ٢٠٠٥)، ج ٧، ص ٢٦٩.
(١) الجويني: الشامل، ص ٣١٦ - ٣١٧؛ كتاب الإرشاد، ص ٥٩ - ٦٠. وانظر لأبي بكر ابن العربي بحثًا طويلًا مع الظاهرية والمنكرين للتأويل في هذا الشأن في: ابن العربي، أبو بكر: العواصم من القواصم، تحقيق عمار الطالبي (الدوحة: دار الثقافة، ١٤١٣/ ١٩٩٢)، ص ٢٠٨ - ٢٥٠؛ وكذلك: ابن العربي المعافري، أبو بكر محمد بن عبد الله: المسالك في شرح موطأ مالك، تحقيق محمد بن الحسين السليماني وعائشة بنت الحسين السليماني (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، ج ٣، ص ٤٤٧ - ٤٥٤.
(٢) ديوان الأخطل (أبي مالك غياث بن غرث التغلبي)، صنعة السكري ورواية أبي جعفر محمد بن حبيب، تحقيق فخر الدين قباوة (دمشق: دار الفكر، ط ٤، ١٤١٦/ ١٩٩٦)، ص ٥٥٧. وبشر المذكور في البيت هو بشر بن مروان بن الحكم الذي ولاه أخوه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان إمرةَ البصرة والكوفة سنة ٧٤ هـ. تُوفِّيَ بالبصرة سنة ٧٥ هـ عن نيف وأربعين سنة.
(٣) وفي رواية: "صرعى" بدل مرعى، و"كاسر" بدل طائر. ولَم أعثر على نسبته لشاعر معين. وقد استشهد به الشهاب الآلوسي دون أن ينسبه. الآلوسي البغدادي، أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، نشرة بعناية محمد أحمد الأمد وعمر عبد السلام السلامي (بيروت: دار إحياء التراث العربي (ط ١، ١٤٢١/ ٢٠٠٠)، ج ١٦، ص ٦٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>