للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الأسقع (١) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله اصطفى من ولدِ إبراهيم إسماعيل، ومن ولد إسماعيل كِنانة، ومن كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم". (٢)

وأما نزاهةُ الآباء والأمهات، فنزاهةُ سلسلة الآباء هي السُؤْدَد، ونزاهةُ سلسلة الأمهات هي الصيانة. فأما سؤدد آبائه - صلى الله عليه وسلم -، فأولهم إبراهيم رسول الله، ثم ابنه إسماعيل رسولٌ ابن رسول، وهو أفضل أولاد إبراهيم على الصحيح. (٣)

ثُمَّ إن جميع آباء رسول الله الذين حُفظت أسماؤهم إلى عدنان كانوا أفضلَ أجيالهم في أقوامهم ومجمعَ مكارمهم، مرموقين بعين الوقار والتعظيم: فأبوه عبد الله فضَّله الله بمنقبة نذر عبد المطلب أبيه أن يذبحه قربانًا لله شكرًا على أن جعله عاشرَ عشرة ذكور من أبنائه، وألهم الله قريشًا فأشاروا بفدائه بمائة من الإبل، فكان ذلك إلهامًا إلَهيًّا ليكون آخرُ آباء رسول الله في ذرية إبراهيم ذبيحًا مفدًّى كما كان أولُهم من تلك الذرية ذبيحًا مفدى، ولذلك وُصف رسولُ الله بأنه ابن الذبيحين. وأبوه عبد المطلب كان أفضلُ قريش، وسيدَ أهل البطحاء، ومُظهِرَ بئر زمزم كما ظهرت لإسماعيل، وأبوه هاشم - واسمه عمرو - كان سيدَ قريش ومُطْعِمَ الناس في المجاعة، قال عبد الله بن جُدعان: (٤)


(١) واثلة (بالثاء المثلثة) والأسقع (بقاف)، وهو من بني كنانة، صحابي خدم النبي ثلاث سنين، وتوُفَّي سنة ٨٢ هـ. - المصنف.
(٢) صحيح مسلم، "كتاب الفضائل - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٢٢٧٦، ص ٨٩٧؛ سنن الترمذي، "أبواب المَنَاقِب عَن رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٣٦١٤، ص ٨٢٥.
(٣) قال ابن هشام في خاتمة كلامه على أمهات الرسول - عليه السلام -: "فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشرفُ وَلد آدم وأفضلُهم نسبًا من قبل أبيه وأمه". السيرة النبوية، ج ١/ ١، ص ٩٢؛ السهيلي: الروض الأنف، ج ١، ص ٢١١.
(٤) عبد الله بن جدعان، وكان يسمى "حاسي الذهب"، هو الذي عقد حلف الفضول في داره. كان أغنى أغنياء مكة، وكان يشرب في كؤوس من الذهب الخالص. وكان بنو تميم في حياته كأهل بيت واحد يقوتهم، وكان يذبح في داره كل يوم جزورًا وينادي مناد: "من أراد الشحم واللحم فعليه بدار ابن جدعان". وكان يطبخ عنده الفالوذج فيطعم قريشًا. وبنو تميم - رهط عبد الله بن جدعان - هم في الوقت نفسه رهط أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>