للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرُو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... قَوْمٍ بِمَكَّةَ مُسْنِتِينَ عِجَافِ (١)

وأبوه عبد مناف، كانت قريش تلقبه قمر البطحاء. وأبوه قصي هو سيدُ قريش، ومعيدُ مجدهم، وجامع شتاتهم، وهو الذي استردَّ ولايةَ الكعبة من خُزاعة. ولم يحفظ لنا التاريخُ ما كان من السيادة لحكيم ومرة على قومهم. وكعب كان من أعظمَ سادة قريش والعرب قاطبة. وهو أولُ مَنْ سَمَّى يومَ العروبة بالجمعة؛ لأنه كان يجمع فيه قريشًا ويخطبهم، وقد أَرَّخت قريش بعام موته. (٢) ولم يحفظ لنا التاريخُ مما كان من مجد لؤي، وغالب، وفهر الملقب بقريش؛ لأنه كان يقرش عن خلة المحتاج فيسدها بماله. ومالك والنضر طُوِيَ مجدُهما في منسيِّ التاريخ، وكنانةُ كان عظيمَ القدر أعزَّ من دفعت إليه المطي، وخزيمةُ لم يحظ التاريخ بذكر مجده. ومدركة كان في وجهه نور، فكانوا يعلمون به أنه يؤذن بنبي يخرج من نسله.

وإلياس أولُ مَنْ أهدى البُدْنَ إلى الكعبة، (٣) وهو الذي ظفر بالحجر الذي قام


(١) هذا البيت هو الرابع من مقطوعة ذكر السهيلي أنها لعبد الله بن الزبعري، يقول فيها:
كَانَتْ قُرَيْشٌ بَيْضَةً فَتَفَقَّأَتْ ... فَالْمَحُّ خَالِصُهُ لِعَبْدِ مَنَافِ
الْخَالِطِينَ فَقِيرَهُمْ بِغَنِيِّهِمْ ... وَالظَّاعِنِينَ لِرِحْلةِ الأَضْيَافِ
وَالرَّائِشِينَ وَلَيْسَ يُوجَدُ رَائِشٌ ... وَالْقَائِلِينَ هَلُمَّ للأَضْيَافِ
عَمْرُو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... قَوْمٍ بِمَكَّةَ مُسْنِتِينَ عِجَافِ
وقال ابن إسحاق: "كان هاشم فيما يزعمون أول من سن الرحلتين لقريش: رحلتي الشتاء والصيف. وأول من أطعم الثريد للحجاج بمكة، وإنما كان اسمه عمرًا؛ فما سمي هاشِمًا إلا بهشمه الخبزَ بمكة لقومه، فقال شاعر من قريش أو من بعض العرب:
عَمْرُو الَّذِي هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... قَوْمٍ بِمَكَّةَ مُسْنِتِينَ عِجَافِ
سُنَّتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَتَانِ كِلَاهُمَا ... سَفَرُ الشِّتَاءِ وَرِحْلَةُ الإِيلَافِ".
ابن هشام: السيرة النبوية، ج ١/ ١، ص ١١٢؛ السهيلي: الروض الأنف، ج ١، ص ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٢) كان موت كعب قبل عام الفيل بخمسمائة وستين سنة. - المصنف.
(٣) كذا قال الزبير بن بكار. السهيلي: الروض الأنف، ج ١، ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>