للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمرو بن نفيل. (١) فإذا كانوا كذلك، ثبتت لهم النجاةُ والثوابُ على قول جميع علماء الإسلام. وبهذا قال الإمامُ فخرُ الدين الرازي وجماعةٌ من العلماء، منهم جلال الدين السيوطي والقسطلاني، وهو قول الشيعة.

وأنا أستروح لهذا دليلًا من قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩)} [الزخرف ٢٦ - ٢٩]، فأثبت أنَّ كلمةَ التوحيد بقيت في عقب إبراهيم، أي لم تنقطع، فلم تزل يحفظها حافظٌ من عقبه.

وقوله: "لعلهم يرجعون"، أي: رجاء أن يرجع مَنْ لا يعلمها إلى مَنْ يعلمها، فلا ينقطع ذلك من عقب إبراهيم. والإشارة والضمير عائدان إلى العرب بقرينة السياق وبقرينة قوله: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (٣٠) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)} [الزخرف ٣٠, ٣١].

وهذه كلُّها مقالةُ العرب، وآباء العرب يشملون جميعَ آباء جميعهم، ما عدا آباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه غيرُ داخل في الإشارة. ومعنى تمتيعهم وآبائهم تمتيعُهم بكفِّ


= قريش محتجين بما جرى لعتبة وشيبة ابني خاله ربيعة وما جرى لهما في بدر، فارتد على عقبيه وأنشأ قصيدة طويلة في رثائهما. انظر مزيدًا من التفاصيل حول ذلك فيما كتبه محققو ديوانه في تقديمهم له في: ديوان أمية بن أبي الصلت، تحقيق سجيع جميل الجبيلي (بيروت: دار صادر، ط ١، ١٩٩٨)؛ وكذلك شرح ديوان أمية الصلت، نشرة بعناية سيف الدين الكاتب وأحمد عصام الكاتب (بيروت: منشورات دار مكتبة الحياة، بدون تاريخ). هذا وقد ذكر ابن سلام - بعد أن حكى ما كان من شأن أمية في الاهتمام بأمر الدين - أن من آخر ما قاله وهو ينازع:
إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا ... وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلمَّا
الجمحي: طبقات الشعراء، ص ١٠٣.
(١) سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>