للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: ٧ - ٩].

وقد قال أئمةٌ من المفسرين: إن عادة القرآن أنه يريد بالذين كفروا، متى ذكر في القرآن المشركين من قريش. (١)

وقوله: {قُلْ بَلَى} كلمة "بلى" فيه إبطالٌ للنفي الواقع في قوله: {لَنْ يُبْعَثُوا}، فإنها حرف يفيد عكسَ معنى "نعم"، ويقع بعد النفي في الاستفهام وفي الخبر.

وقوله: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} ظرفٌ متعلق بقوله: {لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ}، ويجوز أن يتعلق بقوله {لَتُبْعَثُنَّ} باعتبار عطف قوله: {ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ} عليه، أي: يبعثكم فينبئكم يوم يجمعكم ليوم الجمع؛ لأن البعث حاصلٌ قبل الجمع. وقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلخ. جملة معترضة بين الفعل والظرف، و"يوم الجمع" يوم القيامة.

وقوله: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} جاء فيه اسمُ الإشارة للبعيد لتهويله ولفت العقول إليه، فلذلك عدل عن وصفه بيوم بعده فلم يقل: ليوم الجمع يوم التغابن، لئلا يفوت معنى الحصر المقصود، وسيُعلم ما فيه من النكتة.

وجملة {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} جملةٌ إسمية معرفة الجزءين، فكان حقُّها أن تفيدَ الحصر، أي: هو يوم التغابن وليس غيره من الأيام يومَ التغابن. ومعنى هذا الحصر


(١) أخرج الواحدي بسنده عن شعبة بن الحجاج عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "كل شيء نزل فيه {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} فهو مكي، و {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو مدني". ثم قال: "يعني أن {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} خطاب أهل مكة". النيسابوري، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي: أسباب النزول، تحقيق عصام بن عبد المحسن الحميدان (الدمام: دار الإصلاح، ط ٢، ١٤١٢/ ١٩٩٢)، ص ٢٢. على أن هذا ليس مطردًا، وخاصة بالنسبة للسور المدنية، فهناك العديد منها يشتمل على آيات جاء الخطاب فيها بعبارة {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}، كما في البقرة والنساء والحج والحجرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>