للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦)} [الحجر: ٩٤ - ٩٦].

أظهر الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون أمرهم، وتحدَّوْا به المشركين، وذلك سنة عشر قبل الهجرة. فحمي المشركون لذلك، وأكثروا من أذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وذهب كبراؤهم (عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وأبو البختري، والأسود بن عبد المطلب، وأبو جهل، والوليد بن المغيرة، ونبيه بن الحجاج، ومنبه بن الحجاج، والعاصي بن وائل) إلى أبي طالب فقالوا: "إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مِثل ما نحنُ عليه [من خلافه فنكفيكه] "، فأجابهم أبو طالب جوابًا رفيقًا، وردهم ردًّا جميلًا اقتنعوا به. ثم لَم يلبثوا أن عادوا إلى أبي طالب ثانية وثالثة، كل ذلك يطلبون أن يكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن معاملته وإياهم، أو أن يخلي بينهم وبينه. (١)

ولمَّا رأوا أبا طالب غيرَ مُسلِمٍ ابنَ أخيه، ورأوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - غيرَ مُقصّر في الدعوة إلى الحق، جعلوا يعذبون ويؤذون مَنْ أسلم من أهل مكة، ويُغْرُون سفهاءهم بأذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشلونهم (٢) عليه. وفي تلك المدة أكرم الله رسولَه عليه الصلاة والسلام بمعجزة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم إلى السماوات العلى، وكان ذلك في اليقظة على الأصح. وقد رأى من آيات ربه الكبرى، وحديثُه طويلٌ في الصحيحين. (٣) وقد كان ذلك في سنة اثنتين قبل الهجرة، وقيل في


(١) ابن هشام: السيرة النبوية، ج ١/ ١، ص ٢١٢ - ٢١٣.
(٢) كذا في الرسالة كما هي منشورة، ولم يتبين لي يقينًا وجهُ الصواب في استخدام هذا الفعل. يُشْلُون: يدعون، أي: يغرونهم عليه - الناشر.
(٣) صحيح البخاري، "كتاب الصلاة"، الحديث ٣٤٩، ص ٦٢؛ "كتاب أحاديث الأنبياء"، الحديث ٣٣٤٢، ص ٥٥٥ - ٥٥٦؛ صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ٢٥٩، ص ٧٩ - ٨٠. وانظر كذلك ابن هشام: السيرة النبوية، ج ١/ ٢، ص ٢٩ - ٣٨؛ السهيلي: الروض الأنف، ج ٢، ص ١٨٧ - ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>