للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المقدار الذي يستمده الرسول لها غير كاف وحده لاستبقائها، وأن الله فطر ذاته على أنها تتغذى غذاءً غير متعارف. وكذلك حال نومه كان كما قال في الحديث الصحيح: "إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي". (١)

فالزهد في الحظوظ الدنيوية المحضة هو مقام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ففي الصحيح عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما لي وللدنيا"، وفي ذلك قصة. (٢) وفي الصحيح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسحًا (٣) نثنيه له ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته بأربع ثنيات لكان أوطأ له فثنيناه بأربع ثنيات فلما أصبح قال: "ما فرشتموني الليلة؟ قالت: قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه أربع ثنيات، قلنا: هو أوطأ لك، قال: "ردوه لحاله الأولى، فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة"، (٤) يعني صلاة آخر الليل النافلة.


(١) صحيح البخاري، "كتاب التهجد"، الحديث ١١٤٧، ص ١٨٣؛ "كتاب صلاة التراويح"، الحديث ٢٠١٣، ص ٣٢٢ - ٣٢٣؛ "كتاب المناقب"، الحديث ٣٥٦٩، ص ٥٩٨؛ سنن أبي داود، "كتاب الصلاة"، الحديث ١٣٤١، ص ٢١٩.
(٢) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيتَ فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء عليٌّ فذكرت ذلك له، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إني رأيت على بابها سترًا موشيًا"، فقال: "ما لي وللدنيا"، فأتاها علي فذكر ذلك لها، فقالت: لِيأمُرْنِي فيه بما شاء، قال: "ترسلي به إلى فلان، أهل بيت بهم حاجة"". صحيح البخاري، "كتاب الهبة وفضلها"، الحديث ٢٦١٣، ص ٤٢٣.
(٣) الْمِسح، بكسر الميم وسكون السين، كساء غليظ من الشعر. - المصنف.
(٤) قال المناوي في التعليق على هذا الحديث: ""كان فراشه مِسْحًا"، بكسر فسكون، لباس من شعر أو ثوب خشن يعد للفراش من صوف يشبه الكساء أو ثياب سود يلبسها الزهاد والرهبان وبقية الحديث عند مخرجه الترمذي يثنيه ثنيتين فينام عليه فلما كان ذات ليلة قلت لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ فثنيناه له بأربع ثنيات فلما أصبح قال: "ما فرشتموه الليلة؟ " قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات، قلنا هو أوطأ لك. قال: "ردوه لحاله الأول؛ فإنه منعني وطاؤه صلاتي الليلة". قال ابن العربي: "وكان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يمهد فراشه ويوطئه ولا ينفض مضجعه، كما يفعل الجهال بسنته" اهـ. وأقول: قد جهل هذا الإمام سنته في هذا المقام، فإنه قد جاء من عدة طرق أنه قال عليه الصلاة والسلام: إذا أوى أحدُكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره. (ت - يعني الترمذي - في كتاب الشمائل) النبوية عن حفصة) بنت عمر، رمز المصنف لحسنه وليس بجيد، فقد قال الحافظ =

<<  <  ج: ص:  >  >>