للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجهةُ أهم جهتي إعجازه لعامة العرب الذين لا يحيطون بعجائب ما حواه القرآن من العلوم، وغير العرب يثبت لديه الإعجاز من هذه الجهة بضرورة عجز العرب عن معارضته. (١)

وإعجازه من جهة معانيه هو:

١ - بما تضمنه من أخبار الرسل والأمم مما لا يعلمه إلا أحبار أهل الكتاب: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧)} [الشعراء: ١٩٧].

٢ - بما تضمنه من الحكمة السامية والقوانين الصالحة.

٣ - الحقائق العلمية الجليلة أو الحقائق التي تبينت للناس بعد أن دلهم العلم عليها وشهد العلماء بها.

٤ - الحقائق التي سيشهد بها في مقتبل الأزمان: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)} [فصلت: ٥٣].

فالقرآن في الجهة الأولى من جهتي إعجازه يشابه بلاغةَ أشعر شعرائهم الذين بلغ كلامُهم ما يقرب من حدِّ الإعجاز، بقطع النظر عن أسلوب القرآن الخاص به مما لا يسع هذا المجال للخوض فيه. (٢) وهو في الجهة الثانية من جهتي الإعجاز يشبه أقوالَ حكماء الأمم العالمة ومشرعيهم وعلمائهم مما لم يكن للعرب عهد بمثله.

ولقد أراد الله تعالى أن يجعل لرسوله برهانًا على أن القرآن منزَّلٌ إليه من الله فبرَّأ رسوله من صناعة الشعر وفنونه، فتم بتلك البراءة دليل خرق القرآن للعادة من


(١) انظر تفصيل المؤلف في ذلك في: تفسير التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٠٢ - ١٢٠ (المقدمة العاشرة).
(٢) انظر تفصيل المؤلف في ذلك تحت عنوان "مبتكرات القرآن" في: تفسير التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٢٠ - ١٣٠ (المقدمة العاشرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>