فربما كان ذلك الإنكار سببًا لاستعجال ضلال قوم وسريان تضليلهم، والإسلام رحيمٌ لا يرضى بإثارة أسباب الضلالة.
الحكمة الثانية: دفع الحرج عن خلص المؤمنين بأنهم وإن أمنوا من أن يخالط الريبُ عقولَهم، وأن يغريَهم تضليلُ المضللين. إلا أن تلقي العاقل لما لا يفهمه لا يخلو عن حرج عظيم، والإسلام يأبى الإيقاعَ في العنت والحرج.
الحكمة الثانية: دفع الحرج عن خلص المؤمنين بأنهم وإن أمنوا من أن يخالط الريب عقولهم، وأن يغريهم تضليل المضلين، إلا أن تلقي العاقل لما لا يفهمه لا يخلو عن حرج عظيم، والإسلام يأبَى الإيقاع في العنت والحرج.
الحكمة الثالثة: أن القلوب يرين عليها تقادم العهد، فتنسى الحجة، فكانت في حاجة إلى مذكِّرٍ بدلائل صدق الرسالة من عصر إلى عصر. وقد كانت الأممُ من قبلنا إذا نسُوا ربَّهم وتسربت إليهم الضلالةُ جاءتهم الرسل. فلما جاءت الرسالةُ العامة الخاتمة، أودعت عناية الله لهم دلائَل مكنونة، تخرج لهم منها على امتداد العصور دلائلُ ناصعة.
الحكمة الرابعة: أن تلاحقَ الدلائل والحجج بعد ظن الإحاطة والانتهاء، يزيد الحقَّ وضوحًا والمتأملين اطمئنانًا. ولذلك كان من طرق الجدل والمناظرة أن لا يأتي المستدلُّ على جميع حججه دفعة.
(١) ديوان ابن الرومي، ج ٢، ص ٤٨٥ - ٤٨٦. وفيه "تَضَلُّ" بدل "تجل"، و"فتَحكمُ" بدل "فتقضي". ولعل المصنف اعتمد على رواية أخرى للديوان أو على الأقل للمقطوعة التي ينضوي فيها هذان البيتان. والمُجِل: المكثر، والمُدِق: المدقِّق.