للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين في الأندلس، وكيف ثبتوا على دينهم خفية، إلى أن جعل الله لهم مخرج الأمر بالهجرة من تلقاء مَلِك الإسبان.

ولو تأملنا الحوادثَ البعيدة عنَّا والقريبة منا والتي شهدناها في عصرنا، لرأينا الإسلام في جميعها مؤيَّدًا بعناية إلهية، فإذا اشتد خناقُ الأهوال، هبت عليه نسماتٌ من الألطاف تعيد نفسَ الآمال، غير أن ذلك محسوبٌ على المسلمين فيما تسببوا فيه من الإهمال.

الصنف الخامس: بشارات الكتب السالفة بالرسالة المحمدية، وهذا الصنف يندرج في فصيلة الإرهاصات. وقد ذكر علماؤنا شواهد كثيرة، منها الصريح ومنها المؤول، وقد ذكر عياض منها كثيرًا، وأكثر منها الماوردي في كتاب أعلام النبوة، فعليك بمطالعتها. غير أني أحببت أن أذكر إشاراتٍ كالصريحة وقفت عليها بنفسي.

١ - البشارة الأولى في التوراة (العهد القديم) في سفر التثنية - الإصحاح الثامن عشر: "أقيم لهم (أي لبني إسرائيل) نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيته به"، (١) فيتعين أن المرد بإخوة بني إسرائيل العرب بنو إسماعيل، وليس المراد بهم بني إسرائيل؛ لأنه يلزم عليه إضافةُ الشيء إلى نفسه، ثم إنه لم يقم في بني إسرائيل نبِيٌّ مثل موسى، أي رسول بشرع.

٢ - البشارة الثانية في إنجيل متى في الإصحاح الرابع والعشرين، الفقرة الحادية عشر: "ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين، ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين (أي يضعف إيمانُ أهل الكتاب)، ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يُخَلَّص ويكرز ببشارة الملكوت في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم، ثم يكون


(١) الكتب المقدسة: كتب العهد القديم، سفر "تثنية (الاشتراع) الإصحاح الثامن عشر"، ص ٢٧٥. ونص الترجمة: "إني أقيم لهم نبيًّا من بين إخوتهم مثلك، وأجعل كلماتي في فيه فيكلمهم بكل ما آمره به، ويكون كل من لا يسمع كلماتي التي يتكلم بها باسمي أطلب منه. . ."

<<  <  ج: ص:  >  >>