للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن قريشًا كانوا إذا شتموا النبي - صلى الله عليه وسلم - أبَوْا أن يسموه محمدًا فيقولون: مذمم. قال رسول الله لعائشة: "ألَمْ تَرَيْ كيف صرف الله عني سبَّ قريش: يَسُبُّون مُذمَّمًا، وأنا محمد؟ " (١)

ومنها أن الله تعالَى أخفى قبورَ الرسل كلهم، فلا يُعرف قبرُ رسول محقق، وأظهر قبر محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهو معروف بالتواتر من يوم قبر فيه. وتلك إشارة إلهية إلى أن شرعه هو الدائم، وأن شرائعَ الرسل قبله منقرضة بشرعه.

ومنها ما في صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى الأشعري قال: "توضأت في بيتي وخرجت فقلت: لألزمن رسولَ الله يومي هذا، فجئت المسجد فسألت عنه، فقالوا: خرج وتوجه ههنا، فخرجت على أثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب، وبابها من جريد، فقمت إليه فإذا هو جالس على البئر قد توسط قُفَّها، فسلمت عليه. ثم انصرفت، فجلست عند الباب، فقلت لأكونن اليوم بوابَ رسول الله، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ قال: أبو بكر، فذهبت فاستأذنت له رسول الله فأذن له، فدخل فجلس عن يمين رسول الله معه في القف، ثم جاء عمر فاستأذنت له كذلك، فدخل فجلس في القف عن يساره، ثم جاء عثمان فاستأذنت له فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس من الشق الآخر وِجَاههم"، قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم". (٢)

ودلائلُ نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخفية كثيرة قد يملأ استقصاؤها مجلدات، وهذه لمحة دالة على أصنافها وشواهد منها، وعسى أن يساعد الأمل، فنكتب في ذلك كتابًا طولُه لا يُمل (٣).


(١) لم أجده بهذا اللفظ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون مذمَّمًا، ويلعنون مذمَّمًا، وأنا محمد". صحيح البخاري، "كتاب المناقب"، الحديث ٣٥٣٣، ص ٥٩٤ - ٥٩٥؛ سنن النسائي، "كتاب الطلاق"، الحديث ٣٤٣٥، ص ٥٦٠؛ البيهقي: دلائل النبوة، ج ١، ص ١٥٢.
(٢) صحيح البخاري، "كتاب فضائل الصحابة"، الحديث ٣٦٧٤، ص ٦١٧؛ صحيح مسلم، "كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -"، الحديث ٢٤٠٣، ص ٩٣٨ - ٩٣٩.
(٣) لا ندري إن كان الشيخ وفى بما أمل، ولعل قادم الأيام يكشف عن هذا الأمر ويدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>