٥ - الحكمة الخامسة انتقال الإسلام من طور إلى طور أكمل منه، وهو الذي كان مقدمة كماله المعلن عليه يوم حجة الوداع بقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣].
مضت مدةُ إقامة رسول الله بمكة والإسلام حينئذ في طور كان فيه دينًا مقتصرًا على إصلاح العقيدة، وتهذيب نفوس أتباعه، وتطهير أخلاقهم في خويصتهم ومجتمعهم، ودعوة المشركين إلى الإيمان بالله ورسله وما جاؤوا به، وتشهير فضائع أهل الشرك وضلالهم وسخافة رأيهم.
وذلك طورٌ ابتدأ الله به الإسلام لينشأ منشأ سائر الكائنات من طفولة إلى شباب إلى كهولة:{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}[الفرقان: ٣٢]، ولتهيئة قلوب المسلمين إلى تلقي الشرائع وانتظام الجماعة. فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة تطوَّر الإسلامُ إلى طوره الأشد، فصار دينًا وجامعة، وشريعة وحكومة.
٦ - الحكمة السادسة استقلال الإسلام وأمنه وإعلان العبادة، فشرع الأذان، وأقيمت الجمعة، ونحو ذلك.
٧ - الحكمة السابعة تنظيم الجماعة في الإسلام من أول الهجرة بابتناء المساجد وإقامة الأئمة والقضاء، ومشروعية المواساة بين المسلمين بالزكاة والصدقات، وتنظيم قوانين العائلة من شرع تصحيح عقود الزواج وحقوق الزوجين والقرابة والمصاهرة إلخ، والاستخلاف في تدبير الأمور وإقامة الأحكام في مغيب الرسول أو في البعد عنه، وابتداء التشريع العام في أحكام المعاملات والجنايات. ففي الصحيح
(١) ديوان حسان بن ثابت، ج ١، ص ٨٥. وفيه "ذرُوا" بدل "دعوا"، و"هبطت" بدل "سلكت"، و"رمل عالج"، بدل "بطن عالج".