للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، فكانت تلك الرحمة دائمة بدوام شريعته، عامة لأتباعه والمتوسمين لهديه، في حياته المباركة وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى. وهذا مقام قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حياتِي خيرٌ لكم، ومماتي خير لكم". (١) فكان من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن هديه بعد مماته كهديه في حياته، بما فيه من جوامع الإرشاد. وليس هذا محل تفصيل هذا وتبيينه.

وقد نشأ عن الصفات الثلاث المباركة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضرته الوفاة، ذكر ما عسى أن يعرض لأمته من الضلال في أشياء تحل بعد وفاته، وعز عليه ذلك، وحرص على انتشالهم منه، فرام أن يخص ذلك بوصية خاصة، وأن يكتب فيه كتابًا يعصمهم من الضلال فيه. ثم عرض وصف الرأفة والرحمة فانصرف عن ذلك إلى ما هو خير لهم.

روى البخاري في كتاب العلم وفي المغازي وفي الجهاد، وروى مسلم في كتاب الوصية بأسانيد مختلفة ترجع إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسعيد بن


(١) رواه ابن النجار عن الحارث بن أنس بن مالك بسند ضعيف. ورواه ابن سعد في طبقاته مطولًا مرسلًا، ورجاله ثقات. - المصنف. ما ذكره المصنف هنا هو رواية الحارث. أما رواية ابن سعد فلفظها: "حياتِي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، فإذا أنا مت كانت وفاتِي خير لكم، تُعرض علي أعمالُكم: فإن رأيت خيرًا حمدت الله، وإن رأيت شرًّا استغفرت لكم". ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج ٢، ص ١٧٤. وأخرجه البزار عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: "حياتي خير لكم تُحَدِّثون وتُحَدِّثُ لكم، ووفائي خير لكم تُعرَضُ عليَّ أعمالكم فما رأيت من خير حَمِدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم". البزار: البحر الزخار، الحديث ١٩٢٥، ج ٥، ص ٣٠٨ - ٣٠٩. ثم قال البزار: "وهذا الحديث آخره لا نعلمه يُروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد". وقال الهيثمي: "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح". بغية الرائد، "كتاب علامات النبوة"، الحديث ١٤٢٥٠، ج ٨، ص ٥٩٤ - ٥٩٥. وقال الألباني بعد ذكر طرقه: "وجملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه، وخيرها حديث بكر بن عبد الله المزني، وهو مرسل، وهو من أقسام الضعيف عند المحدثين". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، الحديث ٩٧٥، ج ٢، ص ٤٠٤ - ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>