- صلى الله عليه وسلم -". وكان يقع التحاكمُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلسه، وقد حكم فيه بين المسلمين كثيرًا، وبين اليهود في قصة الرجم؛ إذ جاءه اليهود برجل وامرأة زنيا فأمر بهما، فرُجِمَا في موضع الجنائز من المسجد. وكانت تفد عليه الوفودُ وهو في مجلسه، ويأتيه سفراءُ المشركين من أهل مكة، ويَعْتَوِرُه العُفاة وأصحابُ الحاجات.
في "الشفاء" أن أعرابيًّا جاء يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فأعطاه ثم قال له: أأحسنتُ إليك؟ قال الأعرابب: لا، ولا أجملت، فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ كُفُّوا، ثم قام ودخل منزلَه وأرسل إليه وزاده، فقال له: أَأحسنت إليك؟ قال: نعم". (١)
(١) ونص الحديث بتمامه: "جاء أعرابِيٌّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا يطلب منه شيئًا، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "أحسنت إليك؟ "، قال الأعرابي: لا، ولا أجملت. قال: فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا، ثم قام ودخل منزله وأرسل إليه وزاده شيئًا، ثم قال: "أحسنت إليك؟ "، قال: نعم، فجزاك الله من أهلٍ وعشيرةٍ خيرًا. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنك قلتَ ما قلت، وفي نفس أصحابي شيء من ذلك، فإن أحببت فقُلْ بين أيديهم ما قلت بين يديَّ حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك"، قال: نعم. فلما كان الغدُ - أو العشيُّ - جاء فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟ "، فقال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقةٌ شردت عليه، فاتبعها الناسُ فلم يزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحبُ الناقة: خلوا بيني وبين ناقتي، فإنِّي أرفق وأعلم، فتوجه لها صاحبُ الناقة بين يديها فأخذ لها من قمام الأرض فردها هونا، حتى جاءت واستناخت، وشد عليها رحلها واستوى عليها. وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه، دخل النار"". اليحصبي: الشفا، ص ٧٣ - ٧٤. قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: "بطوله أخرجه البزار وأبو الشيخ من حديث أبي هريرة بسند ضعيف". الغزالي: إحياء علوم الدين، ج ٢، ص ٥٠٩ (الحاشية رقم ١). انظر: البحر الزخار المعروف بمسند البزار ١٥/ ٢٩٤، الحديث (٨٧٩٩). وقد أخرجه أيضًا أبو الشيخ. الأصبهاني، أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان أبو الشيخ: كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - وآدابه، نشرة بعناية السيد الجميلي (بيروت: دار الكتاب العربي، ط ١، ١٤٠٥/ ١٩٨٥)، ص ٧١ - ٧٢.