للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق، ولذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أكبر شُعب الإيمان، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)} [آل عمران: ١٠٤]، وقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠].

وفي الحديث الصحيح: "مَنْ رأى منكم منكَرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، (١) فالتغيير باليد خاصٌّ بأولِي الأمر، (٢) وجعل التغيير بالقلب أضعف الإيمان، فهو حظُّ ضعف، فتعيَّن أن حظّ عامة المؤمنين هو تغيير المنكر باللسان.

ومن حرية القول بذلُ النصيحة، قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ٣]، وفي الحديث الصحيح: "الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". (٣) وفي حديث جرير بن عبد الله البَجَلي: "بايعتُ رسولَ الله على الإسلام، فشرط عليّ: والنصحَ لكل مسلم، فبايعته على ذلك". (٤)


(١) صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ٤٩، ص ٤٢؛ سنن الترمذي، "كتاب الفتن"، الحديث ٢١٧٢، ص ٥٢٤؛ سنن أبي داود، "كتاب الصلاة"، الحديث ١١٤٠، ص ١٨٧؛ سنن ابن ماجه، "كتاب الصلاة"، الحديث ١٢٧٥، ص ١٨١؛ سنن النسائي، "كتاب الإيمان وشرائعه"، الحديث ٥٠١٨، ص ٨٠٢.
(٢) هذا إذا كان أولو الأمر قائمين بالحق والعدل، حافظين لحدود الشرع وحرماته، عاملين على تحقيق مقاصده وإنفاذ أحكامه، سائرين فيمن تحت أيديهم من الرعية سيرةَ مَنِ اؤتمن فأدى الأمانةَ حق أدائها. وأما إذا انتفى ذلك، بل صار أولو الأمر أو بعضهم ممن يشيعون المنكر ويجترئون على حدود الشرع ويغرون به رعاياهم بأساليب شتى، فلا طاعة في معصية الخالق، وللمحكومين حق مدافعة ذلك والأخذ بأسباب التغيير.
(٣) صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ٥٥، ص ٤٤؛ سنن أبي داود، "كتاب الأدب"، الحديث ٤٩٤٤، ص ٧٧٤؛ سنن الترمذي، "كتاب البر والصلة"، الحديث ١٩٢٥، ص ٤٧٢؛ سنن النسائي، "كتاب البيعة"، الأحاديث ٤٢٠٣ - ٤٢٠٦، ص ٦٨٤ - ٦٨٥.
(٤) صحيح البخاري، "كتاب الإيمان"، الحديث ٥٨، ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>