للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم النساء في حرية التصرف مثل الرجال بحسب ما تسمح به حالتهنّ من انتفاء المفاسد، فلهنّ التصرف في أموالهنّ إذا كنّ رشيدات، ولهنّ إشهاد الشهود في غيبة أزواجهن، وكل ذلك لا عهدَ للعرب ولا لأهل الأديان الأخرى بمثله. ولهنّ الخروجُ لقضاء حوائجِهِنّ بالمعروف، ولهنّ حضورُ الجمعة والجماعة والعيدَين. وفي الحديث: "ولتخرج العواتق وربات الخدور، وليشهدن الخير ودعوة المسلمين". (١)

وكانت امرأةُ عمر بن الخطاب تخرج إلى صلاة الجماعة، وتعرف منه الكراهيةَ، فتقول: "والله لأخرجنّ إلّا أن تمنعني، فلا يستطيع منعَها". (٢) ومعنى كراهته لذلك أنه يودّ أنها تترك فضيلةَ الجماعة لِما عُرف به من شدة الغيرة، ومعنى قولها له: إلّا أن تمنعني؛ أي إلّا أن تصرح لي بالمنع وهو لا يستطيع ذلك؛ لأنه رأى أنه ليس من حقه


(١) عن حفصة بنت سيرين قالت: "كنا نمنع جواريَنا أن يخرجن يوم العيد، فجاءت امرأةٌ فنزلت قصر بني خَلَفٍ، فأتيتها فحدثتْ أن زوجَ أختها غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة، فكانت أختُها معه في ست غزوات، قالت: فكنا نقومُ على المرضى ونداوي الكلمى، فقالت: يا رسول الله، على إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلبابٌ أن لا تخرج؟ فقال: "لِتُلْبِسْها صاحبتُها من جلبابها، فليشهدْن الخيرَ ودعوةَ المؤمنين". قالت حفصة: فلما قدمت أمُّ عطيةَ أتيتُها فسألتُها: أسمعت في كذا وكذا؟ قالت: نعم بِأَبَا - وقلما ذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قالت بِأَبَا - قال: "لتَخْرُجْ العواتقُ ذواتُ الخدور - أو قال: العواتق وذواتُ الخدور، شك أيوب - والحُيَّضُ، ويعتزل الحيضُ المُصَلَّى، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين". قالت: قلت لها: الحيض؟ قالت: نعم، أليس الحائضُ تشهد عرفاتٍ وتشهد كذا وتشهد كذا؟ " صحيح البخاري، "كتاب الحيض"، الحديث ٣٢٤، ص ٥٦؛ "كتاب العيدين"، الحديث ٩٨٠، ص ١٥٧ - ١٥٨.
(٢) عن عبد الله بن عمر قال: "كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح أو العشاء في جماعة في المسجد فقيل لها: لِمَ تَخْرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا لا تمنعوا إماءَ الله مَسَاجِدَ الله"". صحيح البخاري، "كتاب الجمعة" الحديث ٩٠٠؛ ص ١٤٤. وانظر كذلك "كتاب الأذان"، الحديثان ٨٦٥ و ٨٧٣، ص ١٤٠ - ١٤١. وروى مالك عن "يحيى بن سعيد، عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل - امرأة عمر بن الخطاب - أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت، فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعني، فلا يمنعها". الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب القبلة"، الحديث ٥٠٩، ج ٢، ص ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>