للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وأما حريةُ العمل فهي تتعلق بعمل المرء في خويصته، وبعمله المرتبط بعمل غيره. فحريةُ العمل في الخويصة، مثل تناول المباح والاحتراف بما شاء، وأن لا يُجبَر على أن يعمل لغيره، إلّا إذا تعين عليه عملٌ من المصالح العامة، أو ما فيه حفظُ حياة الغير، مثل الدفاع عن الحوزة، وحراسة الثغور، وإنقاذ الغريق، وخدمة مَنْ تتعين عليه خدمتُه، وإعطاء الزكاة، ونفقة القرابة. وكل ذلك يرجع إلى القسم الثاني في الحقيقة. وكذلك التصرف في المال، عدا ما هو محظور شرعًا، إلّا إذا طرأ عليه اختلافُ التصرف من عَتَهٍ أو سَفَه. وذلك قيدٌ في الحرية؛ لأنها حرية غير ناشئة عن إرادة صحيحة، فأُلغيت لأجل مصلحته ومصلحة عائلته.


= قلت: وما ذاك إلا أني أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضًا، كيف تصدق التوراة الفرقان والقرآن التوراة؟ فمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أكلمهم يومًا، فقلت: نعم، فقلت: أنشدكم بالله وما تقرؤون من كتابه أتعلمون أنه رسول الله؟ قالوا: نعم، فقلت: هلكتم والله، تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه؟ فقالوا: لم نهلك، ولكن سألناه من يأتيه بنبوته؟ فقال: عدونا جبريل؛ لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ونحو هذا، فقلت: ومن سلمكم من الملائكة؟ فقالوا: ميكائيل، ينزل بالقطر والرحمة وكذا، قلت: وكيف منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه، والآخر من الجانب الآخر، فقلت: إنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل، ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدوَّ جبريل، وإني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا. ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنا أريد أن أخبره، فلما لقيته قال: ألا أخبرك بآيات أُنْزِلت علي؟ فقلت: بلى يا رسول الله، فقرأ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} حتى بلغ {لِلْكَافِرِينَ}، قلت: يا رسول الله، والله ما قمتُ من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم، فوجدت الله قد سبقني، قال عمر: فلقد رأيتُني وأنا أشدُّ في دين الله من الحجر". المتقي الهندي: كنز العمال، "باب في القرآن"، الحديث ٤٢٢٢، ج ٢، ص ٣٥٣ - ٣٥٤. قال الهندي: "وسنده صحيح، لكن الشعبي لم يدرك عمر، ورى سفيان بن عيينة في تفسيره عن عكرمة نحوه، وله طرق أخرى مرسلة". وربما يشير كذلك إلى ما جاء عن محمد بن عبد الله بن سلام عن أبيه أنه قال: "أتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا، فقال: إن الله تعالى قد أثنى عليكم في الطهور، أفلا تخبرونِي في قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: ١٠٨]؟ قالوا: إنا نجده مكتوبًا علينا في التوراة". المرجع نفسه، الحديث ٤٤١٦، ج ٢، ص ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>