للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و - ومنها كثرة الترغيب في عتق العبيد والإماء.

ي - ومنها: أن جعل الفقهاء دعوى العتق لا يعجَّز مدعيها، ولا يُحْكَمُ عليه إن لم يجد بينةً بحكم قاطع لدعواه، بل له أن يقوم بها متى وجد بيِّنة.

ولقد استخلص فقهاءُ الإسلام من استقرائهم لأدلة الشريعة وتصرفاتها في شأن العبيد قاعدة فقهية جليلة وهي قولهم: "إن الشارع متشوّفٌ إلى الحرية" (١).

ويُضاف إلى هذا تأكيدُ الوصاية بالعبيد، وفي حديث أبي ذر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عبيدُكم خَوَلكم، (٢) إنما هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جُعل أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويُلبسه مما يَلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلّفه ما يغلبه فلْيُعِنْه". (٣) وفي حديث آخر، وأحسب أنه موجودٌ في بعض روايات خطبة حجة الوداع: "اتقوا الله في العبيد؛ فإنّ الله ملَّكَكم إياهم، ولو شاء لمَلَّكَهم إيّاكم". (٤) وفي الصحيح نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يقول العبد لمالكه:


(١) الشربيني، شمس الدين محمد الخطيب: معرفة ألفاظ المنهاج، تحقيق جوبلي الشافعي (بيروت: دار الفكر، ١٤١٩/ ١٩٩٨)، ج ٣، ص ٢٣٩ (كتاب النكاح).
(٢) الْخَوَل - بفتح الخاء المعجمة وفتح الواو - الذين يتخولون الأمور ويصلحونها. وهذا الوصف لبيان مزيتهم. - المصنف.
(٣) أخرج البخاري عن المعرور قال: "لقيتُ أبا ذر بالربذة وعليه حُلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببتُ رجلًا فعيرته بأمه، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر! أعيرته بأمه؟ إنك امرؤٌ فيك جاهلية، إخوانُكم خولكم جعلهم الله تحتَ أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم". صحيح البخاري، "كتاب الإيمان"، الحديث ٣٠، ص ٨؛ "كتاب العتق"، الحديث ٢٥٤٥، ص ٤١١؛ سنن الترمذي، "كتابُ البرِّ والصلة"، الحديث ١٩٤٥، ص ٤٧٦.
(٤) قال الحافظ العراقي: "حديث: كان من آخر ما أوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قال: "اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، أطعموهم مما تأكلون، اكسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، فما أحببتم فأمسكوا وما كرهتم فبيعوا، ولا تعذبوا خلق الله فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم". قال فيه العراقي: "وهو مفرق في عدة أحاديث، فروى أبو داود من حديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>