للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ربِّي أو سيدي، وليقل: مولاي"، ونهى المالكَ أن يقول: "عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي". (١)

فإن قال قائل: لماذا لم يُبطل الإسلامُ أصلَ الاسترقاق، أو يبطل أسبابَ حدوثه بعد الإسلام، فيكون أقطعَ لجرثومته وأنفعَ لتحقيق مقصد الشريعة من التشوف إلى الحرية؟ قلنا: تبين أن الاسترقاقَ قد بُنيت عليه نُظُم المدنية يومئذٍ في الخدمة والعمل والزراعة والغراسة، وأصبح من المتمولات الطائلة والتجارة الواسعة المسماة بالنخاسة. وانعقدت بسبب ذلك أواصرُ عظيمة، وهي أواصر الأمومة بين العائلات وأواصر الولاء في القبائل، فإبطالُه إدخالُ اضطرابٍ عظيم على الثروة العامة والحياة الاجتماعية بأسرها. على أنه ربما يُعرِّض العبيدَ إلى الهلاك، والذهاب على وجوههم في الأرض لا يجدون من يؤويهم. (٢)

ثم لو أبطل الإسلامُ أسبابَ الرق في نظامه لكان ذلك ذريعةً إلى جراءة أعدائه من العرب وغيرهم على حربه؛ لأن أعظمَ ما يتوقعه المحاربون من الهزيمة


= علي: كان آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاة الصلاة، اتقوا الله في ما ملكت أيمانكم"، وفي الصحيحين من حديث أنس: "كان آخر وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم"، ولهما من حديث أبي ذر: "أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" لفظ رواية مسلم، وفي رواية لأبي داود: "من يلائمكم من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون، ومن لا يلائمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله تعالى"، وإسناده صحيح". إحياء علوم الدين، "كتاب آداب الألفة والأخوة"، ج ٢، ص ٢٩٥ (الحاشية رقم ١).
(١) انظر عدة روايات في هذا المعنى: صحيح البخاري، "كتاب العتق"، الحديث ٢٥٥٢، ص ٤١٢؛ صحيح مسلم، "كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها"، الحديث ٢٢٤٩، ص ٨٨٧؛ سنن أبي داود، "كتاب الأدب"، الحديثان ٤٩٧٥ - ٤٩٧٦، ص ٧٧٩.
(٢) راجع مزيد وتحليل وتفصيل لهذه المعاني في: بوازار، مارسيل: إنسانية الإسلام، ترجمة عفيف دمشقية (بيروت: منشورات دار الآداب، ط ١، ١٩٨٠)، ص ١١٦ - ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>