للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد قسم فقهاؤنا الطلاقَ إلى سني وبدعي، وقسموا البدعي إلى قسمين: قسم محرم وهو الطلاق في الحيض، لورود حديث ابن عمر في النهي عنه، (١) وقسم مكروه وهو ما عداه، كالمملك، والخلعي، والثلاث في كلمة واحدة. (٢) وذكروا في باب الطهارة أن السرف في الماء بدعة، (٣) ولم يقل أحدٌ إن ذلك حرام، بل هو مكروهٌ أو خلافُ الأولى.


(١) أخرج مسلم عن يحيى بن يحيى التميمي قال: "قرأت على مالك بن أنس عن نافع، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عمر بن الخطاب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر. ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يُطَلَّق لها النساء"". صحيح مسلم، "كتاب الطلاق"، الحديث ١٤٧١، ص ٥٥٧؛ صحيح البخاري، "كتاب الطلاق"، الحديث ٥٢٥١، ص ٩٣٨.
(٢) راجع في ذلك: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٥ - ١٠؛ ابن عبد الرفيع، أبو إسحاق إبراهيم بن حسن: معين الحكام على القضايا والأحكام، تحقيق محمد بن قاسم بن عياد (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ١٩٨٩)، ج ١، ص ٢٩٧ - ٣٠٣.
(٣) انظر في ذلك مثلًا: القيرواني: النوادر والزيادات، ج ١، ص ٢٨ - ٣٠؛ ابن العربي: المسالك، ج ٢، ص ١٨٧ - ١٩١؛ القرافي: الذخيرة، ج ١، ص ٢٨٨. والأصل في ذلك ما أخرجه مالك عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من إناء - هو الفَرَق - من الجنابة". الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب الطهارة"، الحديث ١٠٥، ج ١، ص ٣٠٣ - ٣٠٤ (رواية يحيى الليثي). وفي رواية البخاري أنها قالت: "كنتُ أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، من قدح يقال له الفَرَق". صحيح البخاري، "كتاب الغسل"، الحديث ٢٥٠، ص ٤٦؛ صحيح مسلم، "كتاب الحيض"، الحديث ٣١٩/ ٤٠ - ٤١، ص ١٣٢ - ١٣٣ (واللفظ للبخاري). والفَرَق إناء كان معروفًا لديهم، قال مسلم: "قال سفيان: هو ثلاثة آصع" (جمع صاع). وما أخرجه أحمد بن حنبل عن عبد الله بن عمرو بن العاص "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد [بن أبي وقاص] وهو يتوضأ، فقال: "ما هذا السرف يا سعد؟ " قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: "نعم، وإن كنت على نهر جار"". المسند، الحديث ٧٠٦٥، ج ١١، ص ٦٣٦ - ٦٣٧. قال ابن العربي بعد أن ساق الروايات والأقوال الواردة في المسألة: "وإنما ذلك إخبارٌ عن القدر الذي كان يكفيه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن المد لا يجزئ دونه، وإنما قُصِد به التنبيه على فضيلة الاقتصاد وترك السرف. واستحب لمن يقدر على الإسباع [كذا، ولعلها: الإسباغ] بالقليل ولا يزيد على ذلك؛ لأن السرف ممنوع في الشريعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه سيكون في هذه الأمة قومٌ يتعدون في الطَّهور والدعاء". وإلى هذا ذهب مالك وطائفة من السلف، وهو قول الشافعي وإسحاق". المسالك، ج ١، ص ١٩٠. والحديث الذي ذكره ابن العربي أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>