للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم دعواه أن المحدث في العبادة لا يكون إلا حرامًا كلامٌ لا يستقيم، إلا إذا حمله على إحداث أجناس العبادات. أما إحداثُ مواقيت أو أحوال أو التزام أسباب فلا يسبب له التحريم، وإن أقصى أقوال المشددين فيه مثل مالك - رضي الله عنه - هو الكراهة. وعلى تسليم هذا، فقد صار الخلافُ في مسمَّى اللفظ، ويلزمه أن يكون إطلاقُ اسم البدعة على غير ذلك إطلاقًا مجازيًا، ويتطرق الاحتمال إلى الإطلاقات فيسقط الاستدلال بكثير من تلك الشواهد التي جلبها من كلام السلف في لفظ البدعة بأنهم أرادوا بها المعنى المجازي. على أن صنيعه وإن انتفع به في حديث "كل بدعة ضلالة" لا ينفعه في حديث "كل محدثة بدعة" إلا إذا لجأ إلى تخصيص العموم بصنف من المحدثات. وقد علمت أنه تجنب طريقةَ التخصيص في نظيره، وبهذا الإلجاء تنحل عُرى كتابه.

فهذا إقليدُ (١) الدخول إلى مباحث البدعة، فشُدَّ به يدًا، ولا تكن كالذين أصبحوا فيه طرائقَ قِدَدًا.


= "الصغير"، تحقيق عبد الحميد بن علي أبو زنيد (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ٢، ١٤١٨/ ١٩٩٨)، ج ١، ص ٣٨٧ - ٣٩٧؛ البصري، أبو الحسين محمد علي بن الطيب: كتاب المعتمد في أصول الفقه، تحقيق محمد حميد الله بتعاون محمد بكر وحسن حنفي (دمشق: المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية، ١٣٨٤/ ١٩٦٤)، ج ١، ص ٢٣ - ٢٦؛ الفراء الحنبلي، أبو يعلى محمد الحسين: العدة في أصول الفقه، تحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٣/ ٢٠٠٢)، ج ١، ص ١٢٦ - ١٢٧؛ الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد: المستصفى من علم الأصول، تحقيق محمد سليمان الأشقر، (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤١٧/ ١٩٩٧)، ج ٢، ص ١٥ - ١٨؛ المازري: إيضاح المحصول، ص ١٥٣ - ١٥٨؛ الآمدي، علي بن محمد: الإحكام في أصول الأحكام، علق عليه الشيخ عبد الرزاق عفيفي (الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، ط ١، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، ج ١/ ١، ص ٥٦ - ٦٧. وانظر بحثًا للأستاذ أبي زنيد استقصى فيه أطراف المسألة في مقدمة تحقيقه لكتاب الباقلاني: التقريب والإرشاد، ج ١، ص ١٠٤ - ١٣٤.
(١) الإقليد: المفتاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>