للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا كان ترك القراءة هو السنة، وكان أفضلَ من القراءة في المواطن الثلاثة المذكورة. (١) وحينئذ فتكون قراءةُ القرآن في تلك المواطن إما مكروهةً، وإما مباحةً غيرَ سنة، فتكون مندوبةً في جميعها، أو مندوبة في بعضها دون بعض. وفي حملِ حكمها على أحد الوصفين على الإطلاق أو بالتفصيل خلافٌ بين علماء المذهب ومَنْ وافقهم رحمهم الله تعالى. فذهب مالك وجمهورُ أصحابه إلى أن القراءة في تلك المواطن الثلاثة مكروهة، حكى عنه الكراهةَ ابن بشير (٢) من رواية أشهب وابن الحاجب في المختصر بطريق المقابلة، إذ قال: "وتوجيه المحتضر إلى القبلة مستحبٌّ غير مكروه على الأصح، وكذلك قراءة القرآن عنده". (٣)

وصرح بنسبة قول الكراهة إلى مالك خليلٌ في توضيحه وفي مختصره في عداد المكروهات، (٤) وذلك محملُ قول المدونة: "قلت: فهل يقرأ على الجنازة في قول


= فوُصلت بها، أو فوصلت بسورة البقرة. ويس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غُفر له، واقرؤوها على موتاكم". مسند أحمد بن حنبل، الحديث ٢٠٣٠٠، ج ٣٣، ص ٤١٧. قال محقق المسند في الحاشية: "إسناده ضعيف لجهالة الرجل وأبيه، وسمي في الرواية التالية [رقم ٢٠٣٠١] بأبي عثمان، ولا يُعرف". وأخرجه النسائي مختصرًا. النسائي، أحمد بن شعيب: عمل اليوم والليلة، تحقيق فاروق حمادة (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ٢، ١٤٠٥/ ١٩٨٥)، الحديثان ١٠٧٤ - ١٠٧٥، ص ٥٨١ - ٥٨٢. أخرجه كذلك أحمد والطبراني. وذكر العجلوني تحت رقم ٣٢١٣ أن ابن أبي الدنيا أخرج أبي الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من ميِّتٍ يُقرَأُ عنده يس إلا هوَّن الله عليه". كشف الخفاء، ج ٢، ص ٣٩٠.
(١) أي في السؤال، وهي قراءة القرآن عند تشييع الجنازة، أو حول الميت، أو حول قبره عند دفنه.
(٢) هو أبو طاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي، وهو من أقارب الشيخ أبي الحسن اللخمي الذي سيأتي ذكره قريبًا، فقيه مالكي، حافظ. له كتاب التنبيه في الفقه المالكي. استشهد بعد سنة ٥٢٦/ ١١٣١.
(٣) ابن الحاجب: جامع الأمهات، ص ٦٥.
(٤) المالكي: التوضيح، "كتاب الصلاة - الجنائز"، ج ٢، ص ١٢٢ - ١٢٣؛ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية/ عيسى البابي الحلبي وشركاه، بدون تاريخ)، ج ١، ص ٤٢٢ - ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>