للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجترأ عليهم بالتدخل في خاصة أمورهم بدون سبب يحق له ذلك. وإنما شأنُ العالِم في مثل هذا أن يرغِّبَهم في التأسِّي بالسنة، وبيانُ أنها الحالة الفضلى بقولٍ ليِّن، فإن هم تجاوزوا ذلك فحقَّ على وُلاة الأمور في البلدان أن يدفعوا عن أهل الْمآتم عاديةَ مَنْ يتصدى بزعمه لتغيير المنكر دون أن يعلم مِنْ كلِّ مَنْ تزبَّبَ قبل أن يَتَحَصْرَم. (١)

هذا حاصلُ الجواب، وقد تضمن البعضَ من أقوال أهل المذهب، (٢) أفتيت به، واقتصرتُ فيه على ذلك دون تطويل ولا تأصيل، لقصد إحاطة أصناف المستفتين بحكم هذه المسألة. وسأُتْبِعه ببيانِ تأصيل أحكامه، (٣) ليزداد أهلُ النظر تفقهًا، فإنهم يحبون أن يلحقوا الفروع بأصولها، ويميزوا عن خليط ثفالها خالصَ منخولها.

أفتيتُ بذلك، وأنا محمد الطاهر بن عاشور، شيخ الإسلام المالكي في ١٢ محرم سنة ١٣٥٥ هـ وفي ٤ إبريل ١٩٣٦.


(١) "تزبَّبَ قبل أن يَتَحَصْرَم"، مثلٌ يقال في كل مَنِ ادعى حالةً أو صفةً قبل أن يتهيَّأَ لها ويتحقق بشروطها ومتطلباتها، كالعنب يصير زبيبًا وهو لم ينضج بعد.
(٢) يعني المذهب المالكي.
(٣) وقد جاء في إثر نص هذه الفتوى الكلام الآتي لمحرر مجلة الهداية الإسلامية: "وقد وصل إلى إدارة المجلة البيان والتأصيل الذي أشار إليه فضيلة الأستاذ في آخر الفتوى، وفيه بحث قيم في البدعة والسنة، فننشره لإفادة للقراء ونصه. . ."، حيث جرى نشره في الجزءين الحادي عشر والثاني عشر من المجلد الثامن، وقد سبق في هذا القسم بعنوان: "بيان وتأصيل لحكم البدعة والمنكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>