للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهدها بالإسلام - "أنه إذا جرت عادةُ الناس بشيء، ولم يكن متفَقًا على تحريمه، فليتركْهم وما هم عليه، وليفعلْ في نفسه ما هو الصواب". (١) وعليه فكلُّ مَنْ يتصدى لِمَنْعِ أقارب الأموات من تشييع جنازتهم بالقراءة، فقد أنكر عليهم بغير علم،


= "التاج والإكليل في شرح مختصر خليل"، و"سنن المهتدين في مقامات الدين"، و"كشف النقول" (ذكره في المقام السابع من الترقي في الكتاب السابق ذكره)، كما له العديد من الفتاوي منثورة في بعض المدونات الكبرى كالمعيار للونشريسي ومعيار الوزاني. أما ابن سراج فهو أبو القاسم محمد بن سراج الغرناطي، فقيه غرناطة وقاضي الجماعة فيها. لم تذكر المصادر شيئًا عن ولادته، وقدر الدكتور محمد أبو الأجفان عليه رحمة الله في تقديمه لفتاويه أنه قد يكون ولد في العقد السابع أو الثامن من القرن الثامن للهجرة بناءً على أن وفاة شيخه أبي سعيد ابن لب كانت سنة ٧٨٢ هـ، وهو تقدير يصعب الركون إليه؛ إذ يكون ابن سراج قد تلمذ لابن لب في سن صغيرة جدًّا. أما وفاته فكانت عام ٨٤٨ هـ على أرجح الأقوال. تلقى ابن سراج العلم على عدد من مقدمي علماء غرناطة لم يذكر مترجموه إلا ثلاثة منهم، وهم ابن لب، وأبو عبد الله محمد بن علاق قاضي الجماعة بغرناطة (المتوفَّى ٨٠٦ هـ)، وأبو عبد الله محمد الحفار (المتوفَّى سنة ٨١١ هـ)، وليس مستبعدًا أن يكون الشاطبي أحد أساتذته. ومن تلامذته أبو عبد الله شمس الدين الراعي (المتوفَّى حوالي سنة ٧٨٢ هـ)، وأبو يحيى بن أبي بكر محمد بن محمد بن عاصم (المتوفَّى سنة ٨٥٧ هـ)، وأبو عبد الله محمد بن يوسف العبدري المواق (المتوفَّى سنة ٨٩٧ هـ)، له شرح على مختصر خليل، والعديد من الفتاوى، كما كانت له حوارات وردود ونقوض مع عدد من علماء عصره.
(١) لم أجد هذا الكلام في "سنن المهتدين" للمواق، ولكن جاء في بعض فتاوى ابن سراج ما يعبر عن القاعدة نفسها، حيث يقول في رده على تعقيب أبِي الغَرَبانِي على فتواه في مسألة سلف الدقيق وزنًا: "قد جرى العرفُ عند الناس والجيران في سلف الدقيق بالميزان، وهو يحصل به التساوي المطلوب في السلف، ولا يعرفون فيه الكيل، وله وجه صحيح، فلا يُمنعون منه؛ لأن الناسَ إذا جرى عملُهم على شيء له وجه صحيح يَستند إليه لا ينبغي أن يُحمل الناسُ على قول إمام ويلزمون ذلك، إن كانوا مستندين في عملهم لقول إمام معتمد. أما إن كان المانع لا مستندَ له إلا مجرد نظره من غير نص ولا مشاورة، فمنعه خطأ. فقد نص العلماء على أن من شرط تغيير المنكر أن يحقق كونه منكرًا وإلا فلا يجوز، ومن شرطه أيضًا أن يكون متفقًا عليه عند العلماء. فحسبُ هذا الرجل إن كان ظهر له المنعُ أن يمتنع منه في خاصة نفسه، ويتورع في ذاته، ولا يحمل الناسَ عليه ويُدْخل عليهم شغبًا في أنفسهم، وحيرةً في دينهم، لمجرد نظره من غير استناد لمن يُعتمد عليه من العلماء". الونشريسي: المعيار المعرب، ج ٥، ص ٢٠؛ فتاوى قاضي الجماعة أبي القاسم بن سراج الأندلسي، تحقيق محمد أبو الأجفان (أبو ظبي: المجمع الثقافي، ١٤٢٠/ ٢٠٠٠)، ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>