للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا القول في الفطر سواء، وحكم تلك الحالة مشمولٌ لقول فقهاء المذاهب الأربعة: أنه إن رُؤِيَ الهلالُ نهارًا فهو لليلة القابلة بدون تفصيل. (١) وفي هذه الحالة يظهر اختلافٌ بين بعض المسلمين في الصوم أو الفطر، وفي إقامة صلاة العيدين، وذلك خطبٌ سهل.

القاعدة الثالثة: مسألة ما إذا خالف التقويم شهادةُ مَنْ يشهدون بأنهم رأوا الهلال: هل تكونُ مخالفتُهم التقويمَ موجبةً استبعادَ شهادتهم برؤيته فيجب ردُّها بالاستبعاد العادي؟

فهذا إنما يُتصور بالنسبة للشهادة برؤية الهلال بمجرد النظر. وقد ذكر فقهاء المالكية أن مخالفة التقويم للشهادة في غير شهادة رؤية الهلال الشرعي توجب ردَّ الشهادة، وأنه لا يجب ردُّ شهادة هلال الصوم وهلال الفطر. (٢) وللشافعية قولان، اختار السبكي قولَ رد شهادة الرؤية بتلك المخالفة. (٣) وكلام فقهاء الحنفية صريح، ولم أقف على قول الحنابلة. (٤)

والوجه الشرعي في نظري أنها تُرد بذلك للاستبعاد العادي؛ (٥) لأن الشهادة


(١) انظر في ذلك مثلًا: القيرواني: النوادر والزيادات، ج ٢، ص ١٢؛ الجويني: نهاية المطلب، ج ٤، ص ١٩؛ الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٢، ص ٥٩٨.
(٢) انظر في ذلك مثلًا: الحطاب: مواهب الجليل، ج ٣، ص ٢٩٠.
(٣) نص ابن عاشور على أن هذا النقل كان من رد المحتار لابن عابدين. انظر رد المحتار، ج ٣، ص ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٤) والواقع أن ابن قدامة مثلًا لم يُدر الكلامَ أبدًا على مسألة الحساب والتقويم لا استقلالًا ولا في معارضة الشهادة، لا في كتاب "المغني" ولا في غيره من مؤلفاته الفقهية.
(٥) أي مما يُستبعد عادةً وعقلًا، كأن يشهد بدويٌّ في المدينة لصالح حضري ضد حضري. قال الدردير في تعليله: "وحاصله أن تحمل الشاهد الشهادة إذا استبعده العقل، أي استغربه، أي نسبه للبعد والغرابة، كان ذلك مبطلًا للشهادة عند أدائها. . . فإذا طلب من البدوي تحمل الشهادة بشيء من ذلك [أي من سائر عقود المعاوضة ونحو الوصية والعتق والتدبير] في الحاضرة، فلا تُقبل منه إذا أداها، وذلك لأن ترك إشهاد الحضري وطلب البدوي لتحمل تلك الشهادة فيه ريبة؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>