للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطريقُ ثبوت شهر الصوم أو الفطر الشهادةُ برؤية الهلال ليلةَ ثلاثين من الشهر السابق، إذا كان الرائي رجلين عدلين أو جماعةً مستفيضة، أو بإكمال الشهر السابق ثلاثين يومًا. (١) وطريقُ ثبوت الحقوق شهادةُ عدلين في غير المال، وشهادةُ عدلين أو عدلٍ وامرأتين فيما يرجع إلى المال. (٢) وطريقُ ثبوت العيوب إخبارُ مَنْ له معرفة به، وإن لَم يكن عدلًا. (٣)

وقد يحصل الاطمئنانُ لطريقٍ من طرق الثبوت العادية، ولا يجزئ ذلك الطريقُ في الأمور الشرعية؛ لأن الشريعة قد عيَّنَتْ لثبوت أسباب التكاليف طرقًا خاصة رعيًا لأهميتها، ولِمَا يترتب عليها من المصالح. فلا يجوز لنا أن نتعداها بقياسها على الأمور العادية، وهذا من مزالق الخطأ الذي تزل فيه أقدامُ كثيرٍ من الناس.

ثم إن لأئمة الفقه خلافًا في وجوه طريق ثبوت رمضان، والمشهورُ من مذهب مالك وعامة أصحابه عدا ابن الماجشون (٤) - وهو الذي نتقلده في الفتوى والذي عليه أهلُ تونس وإفريقيا الشمالية - أن طريقَ ثبوت رمضان من قبيل الشهادة. (٥) وهو


(١) انظر في ذلك مثلًا سحنون: المدونة الكبرى, ج ١، ص ٢٩١ - ٢٩٢؛ القيرواني: النوادر والزيادات، ج ٢، ص ٧ - ٨؛ المالكي: التوضيح، "كتاب الصيام"، ج ٢، ص ٣٧٨؛ المواق: "التاج والإكليل" بهامش مواهب الجليل للحطاب، ج ٣؛ ص ٢٧٩ - ٢٨٤.
(٢) انظر في تفصيل أنواع البينات والشهادات في المسائل التي ذكرها المصنف: ابن رشد: المقدمات الممهدات، "كتاب الشهادات"، ج ٢، ص ٢٩٢ - ٢٩٣؛ ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ١٢١ - ١٢٣؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٤، ص ٤٤٠ - ٤٤٣؛ ابن فرحون: تبصرة الحكام، ج ١، ص ٢٢٥ - ٣١٠.
(٣) انظر مثلًا: الدسوقي: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج ٢، ص ٢٨٤ - ٢٨٥.
(٤) انظر تفصيل قول ابن الماجشون عند الباجي: المنتقى، ج ٣، ص ٨؛ ابن العربي: المسالك، ج ٤، ص ١٥٥.
(٥) الباجي: المنتقى، ج ٣، ص ٥؛ ابن العربي: المسالك، ج ٤، ص ١٥٣؛ ابن رشد القرطبي (الحفيد): بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ص ٢٧٥. على أن للباجي تفصيلًا من المهم ذكره هنا، حيث قال بعد أن ساق جملة من الأقول: "ومعنى هذا عندي أن الصوم يكون ثبوته بطريقين: أحدهما الخبر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>